علي حسينأتابع بشغف كل ما تفيض به قريحة الشاعر الكبير موفق محمد ، واعرف أن صديقي يكتب كما يعيش في طرقات المدن ، في أسواقها ، أشبه بطائر ابيض يغني اشعار ترتبط بنبض الناس ، هؤلاء الناس الذين تتبخر كل يوم أحلامهم في إقامة مجتمع يسوده العدل وتحترم فيه كرامة الإنسان ، كتابات موفق محمد أصبحت جزءا من الذاكرة الوطنية للعراقيين ، كما أنها تعد وثيقة مهمة لمرحلة عصيبة في تاريخنا المعاصر.
بالأمس تلقفت جديد موفق وهي قصيدة يتحدث فيها عن أمراء الطوائف الذين يخلطون بين الوطن وجيوبهم الخاصة، سياسيون يعتقدون بأنهم يملكون صكاً مصدقاً يمنحهم الحق للحديث باسم الشعب،عن أحلام الشعب، المستقبل الذي يرسمونه للشعب، دون أن يعرف الشعب عم يتحدثون.سياسيون مولعون باقتناء الشقق الفاخرة والاتجار بقضايا الناس، وقد استثمروا في السنوات الأخيرة فوضى غياب القانون فازدهرت تجارتهم وسط حشد مهول من الكلمات الثورية الزائفة، يصفهم موفق محمد ابلغ وصف: " الديكة الهابطين علينا .... محفوفين بالملائكة..من عواصم الثلوج.... ومن مزابل السيّدة..ومن صناديق القمامة في قم .. للمعلم وفّه التبجيلاوهم يحملون معهم وظائفهم الإلهيةتحت شعار (لو وزير.. لو ميصير) وصاروا وزراً" سياسيون استبدلوا الشعارات الاشتراكية بشعارات دينية متطرفة، تغيرت الوجوه والأسماء، لكن المشترك الراسخ بينها هو النضال التجاري، وأبشع ما في هذه المهنة أن القائمين بها يزايدون على الجميع، ويطعنون في وطنية من يختلف معهم، لكنهم يتفقون على شيء واحد، هو التجارة بكل شيء وأولها مشاعر الناس سياسيون استأثروا بخير البلاد واستحوذوا على ثرواته، فازدادت الهوة بينهم وبين الناس، فانعدمت المسؤولية الحقيقية لرجال السياسة، الذين باتوا لا يدركون أن أمن هذا الوطن واستقراره يكمنان في أن يذوق الجميع خيرات هذا البلد. سياسيون :" تصايحوا .. عراق تجمع.. أسترح .. أستعد .... إلى الوراء دروتوقفوا عند تلّ حسون .... وكونوا زاهدينواخشوشنوا لتستريحوا في الكهوفوافرنقعوا عنا في الطرقات .... فإننا لا نرحم".سياسيون وجدوا في السلطة ضالتهم لامتطاء العراقيين وصرفهم عن قضاياهم الحقيقية، فحشدوا للقتال في منازلة سيطلق عليها التاريخ اسم "أم المخازي " تيمنا بما أتحفنا به من قبل "القائد الضرورة" الذي يسعى العديد من ساسة اليوم إلى السير على نهجه الميمون في الاستفراد بالسلطة، وتقريب الأحباب والأصحاب، وتحويل الدولة إلى حزب واحد يسهر على خدمته العراقيون جميعا. سياسيون يضعون قدما في السلطة وأخرى في إحدى دول الجوار ، كلهم في معسكر واحد هو معسكر البقاء على المقاعد، سياسيون يختلفون في درجة قربهم من المنافع وليس في درجة قربهم من الناس.شعرت بالحزن وأنا أتابع أبيات موفق محمد مثلما اشعر بالأسى والخيبة وأنا أرى جهابذة السياسة عندنا يمارسون بحق العراقيين ، الوحشية التي مارستها أجهزة صدام: " إنهم يرموننا أرضاً ويلعبون الدومينو على مؤخراتنا المكشوفةعندما تمر مواكب الآلهة .... وقبل أن ينفتح السير في السيطرات" .اللهم إنا نشكو إليك سوء ساستنافقد قتلوك فينا .... وها هي دماؤك..تنز من أسماعنا وأبصارنا .... وهم ينظرون إلينا مبتسمين. سياسيون يحملون بضاعة قديمة ، يتحايلون ويصدرون أصواتا عالية للتغطية على أحلام بناء دولة حقيقية تقدم للناس خدمات التعليم والعلاج وتتيح له العمل والعيش برفاهية وأمان. يالله مللنا من صغائر السياسيين وتلوثهم وتبدلهم، وتوسلهم في سبل البقاء جاثمين على أنفاسنا ، بأي ثمن وبكل الإثمان.
العمود الثامن: وجوه سياسية بريشة موفق محمد
نشر في: 18 إبريل, 2012: 10:12 م