وائل نعمة كابوس نخشى أن نلاقيه في منامنا .. " انقطاع المولدة " ، فكيف إذا في الحقيقة، حينما يغضب المشغل ويقرر أن ينزل "الجوزة " وأنت في عز الصيف؟ الحر في العراق حطم أرقاما قياسية في السنوات الماضية ، بعد أن قفز فوق الخمسين مئوية ، وأشعل تظاهرات في الناصرية انتقلت بعد ذلك إلى بغداد، تطالب بزيادة ساعات التجهيز ، وألهب الحر حماس المحتجين حتى وصلوا إلى مطالبات بتوفير كل الخدمات المتعثرة وتعديل العملية السياسية المرتبكة،
وساد الخوف أن تتحول هذه التظاهرات إلى تغيير نظام كما في تونس ومصر ،لاسيما أن معظم الباحثين في الاجتماع السياسي أكدوا أن أكثر واخطر الثورات في العالم تحدث في الصيف وفي الدول التي ترتفع فيها درجات الحرارة.بعد أن فشلت كل محاولات الوزارات المتعاقبة على العراق بعد 2003 في حل أزمة الكهرباء ، ودخول الموضوع في نفق مظلم ، من اختلاسات واستيراد أجهزة قديمة وبواخر مؤجرة من تركيا لتوليد الطاقة، اثبت في ما بعد بأنها صفقة فاسدة ، فضلا عن رؤوس توليد تتحول إلى لعب أطفال "بقدرة قادر"، مرورا بهروب الوزراء من المسؤولية إلى بلد الجنسية الأخرى، وليس انتهاءً بالصفقات الفاسدة مع شركات كندية وهمية، فضّل المواطن أن يعتمد على المولدات الأهلية التي انتشرت بسرعة في الأحياء، وكانت المنقذة في وقت صار الحل بعيدا حسب تصريحات وزارة الكهرباء والمختصين.مرت قضية وضع المولدات في المناطق السكنية بإشكاليات كبيرة وسلسلة من المشادات والمعارك وصلت إلى حد القتل والتفجير والتهجير، لاسيما في السنوات التي كان العنف هو السائد في العاصمة، فالمشتركون من السكان يشتبكون دوما مع القائمين على "المولدة " بسبب قطعها في أوقات الحر او في منتصف الليل ، او يعترضون على رفع التسعيرة وغيرها من الاعتراضات التي لها بداية وليس لها نهاية ، وعلى الرغم من أن الحكومة ومجالس المحافظات حاولوا مؤخرا أن يفرضوا سيطرتهم على أصحاب المولدات من خلال وضع عقوبات ضد من يرفض التشغيل لثماني ساعات ، أو من يفرض تسعيرة غير المتفق عليها ، إلا انه ما زال "أبو المولدة " أو ذلك الصبي الصغير الذي تختفي ملامح وجهه وراء بقع زيت المحرك "سيد الأرض ". فيتحكم بالتشغيل والإطفاء كيفما يشاء ، والأكل والماء البارد يغدق عليه من الأهالي، ابتغاءً لرضاه ،وهو متعجرف يرفض التحرك في الليل من سريره الذي يضعه أمام "مبردة" صدئة ليرفع لك "الجوزة النازلة". يقول بعض الأهالي إن المشغل الصغير للمولدة أصبح من أغنى الأشخاص في المنطقة؟! بالتأكيد أن المشادات التي تحدث بين المشتركين وأهل المولدة قد تصل في بعض الأحيان الى الشتم والسب أو الضرب ، وبما أن المراهق "ابن عشاير" فقد يسحبك رفضك على قبول برنامج أبو المولدة لقطع التيار إلى "فصل عشائري" بملايين الدنانير.وبمسرحيات ودراما رخيصة تدور أحداثها هذه الأيام في بعض مناطقنا المدنية الحضارية ، أبطالها بعض شيوخ العشائر أو هكذا يدعون ، يعتاشون على المشاكل ، ويلهثون وراء "الفصل" ، يجلسون بسرعة في المجلس ويبدأون بالمزايدة العلنية ، وينخفض سقف المطالب من 10 ملايين إلى واحد لخاطر فلان وعلان ، والسبب "جوزة المولدة ". لذا ينبغي التنبيه إلى أن الحر قادم واحذروا مشغل المولدة لأن ثمن "فصله" غال جدا.
من داخل العراق: "جوزة" بمليون دينار!
نشر في: 28 إبريل, 2012: 05:52 م