ترجمة: عباس المفرجيحياته كانت ملأى بالأحداث مثل رواياته(( لا يمكنني أن أتخلى عن الإنسانية أو الحرية )) أعلن جوزيف روث في رسالة الى صديقه النمساوي ستيفان زفايغ . الحرية ، كانت الصواب الذي يلائم وضع ممتلكاته في حقيبتي سفر والإقامة في الفنادق ؛ الانتقال في سنة واحدة من النمسا الى المانيا الى فرنسا الى روسيا ؛ ألا يكون له عنوان ولا حساب في المصرف . كان متزوجا ، من امرأة اُودعت في مصحة الأمراض العقلية ، وكان له علاقات طويلة الأجل مع عشيقات . لكنه تجنب (( روائح الطبخ و’ الحياة العائلية ‘ )) .
(( أتبرّز على الأثاث . أكره المنازل )) الإنسانية ، كانت الواجب الذي يدفعه لمساعدة هذه النساء مع آبائهن واطفالهن . كان روث في الغالب مفلسا ، لكنه مع هذا تقاسم المال الذي كان معه مع ثماني نساء أخريات .على نطاق أوسع ، كانت الحرية هي الترخيص الذي يسمح له بازدراء أصدقاء وأمم يفتقرون الى الإنسانية . كان روث يعيش في المانيا في 1933 ، لكن في اليوم الذي أصبح فيه هتلر مستشارا رحل عنها ولم يعد أبدا . (( ما يميّزني عن الجميع ، الذين هم ناشطون في المانيا )) قال لي زفايغ الأكثر تكيّفا : (( هو بالضبط ما يميّز الإنسان عن الحيوان )) .العيش بهذه الطريقة التي لا تقبل التسوية مرهق ومكلف . بحلول عام 1935 ، لم يبق أحد ، من أصدقاء وناشرين ، الا واقترض منه نقودا ، وحتى من ساقي الحانة الذي أبدى استعداده لذلك . كان يعمل لعشر ساعات في اليوم ، منتجا كل يوم مقالة وكل سنة رواية ، لكنه كان رجل أعمال فاشل ومدمنا على الكحول . وكان زفايغ يوبخه لأنه يصرف على الشراب أكثر مما تصرفه عائلة متوسطة الحال على أمور العيش . نتيجة لذلك ن كان روث ينحلّ جسديا . كان يتقيأ طحالا ودما ؛ كانت عيناه تشتعل وقدماه منتفختان ؛ كان شعره وأسنانه يتساقطان .ها هو روث ، الذي كان ينزف ويصرخ من خلال رسائله ، اصبح متاحا في اللغة الانكليزية لأول مرّة من قبل مايكل هوفمان . ليس هناك أي سيرة حياة لروث بالانكليزية ، وحتى الآن ستكون هذه بالنسبة للعديد من القرّاء أول لمحة عن الإنسان الذي يقبع خلف رواياته . سيكون بمقدور قرّاء " مسيرة رادتزسكي " أن يطابقوا روث مع سيماء أشهر شخصياته ، ليوتنانت تروتا ، الذي هو الآخر متشرد وكحولي مدمر لذاته . لكن بينما يستجيب تروتا بشكل سلبي للأحداث ، فإن مبدعه يرمي نفسه بعنف على العالم ، شاجبا له حتى عندما خسر معركة بقائه حيا .في واحد من أروع مقالاته السيرية التي تقاطع مرارا هذا الكتاب ، يضفي هوفمان على روث سمات (( رجل يقوم برحلة الى حافة العالم على برميل )) . كان روث يعرف أنه مدان ، لكنه دفع بنفسه قدما ، قاصدا التدمير حيثما ذهب ، عبْر الرسائل والبرقيات التي كان يدبجها باهتياج شديد ، ويرسلها بشكل ملحّ ( (( متظاهرا ان البرقية لم تخترع بعد )) كما قال زفايغ يوما دفاعا عنه.تثبت الرسائل انها وسيلة مثالية للوصول الى معرفة رجل قاوم سيَر الحياة التقليدية ، حابسا الحياة الخاصة به داخل أسطورة . في كتاب " اليهودي التائه " ، الاستكشاف الآسر لأصول روث الغاليثية ، يصف دينيس ماركس روث بكونه (( واحد من أكثر الكذابين استثنائية في الأدب)) . كان روث يعيد مرارا اختراع مكان ولادته وتاريخه المبكر وغالبا ما كان يناقض نفسه . كانت رسائله تتيح لهذه التناقضات والقصص البديلة أن تتعايش . يمكنه هو ان يقول للكاتب الشاب برنارد فون برنتانو أن تجربة الحب باطلة ، زائلة ، بعد الجنس ، (( تماما مثلما يتلاشى الفيل الوردي حين تتناول الكحول )) ، لكنه يقع هو نفسه في الحب ويصرّ على ان الحب وحده يمكن أن يجعله يحسّ بأنه حيّ . يمكنه أن يؤكد لبرنتانو (( ساكون دائما صديقا لك )) ، لكنه يعلن بعدذاك بأربع سنوات أن برنتانو هو واحد من الناس القليلين الذي يتمنى بشدة قتله (( دون الشعور بوخز الضمير أكثر مما أشعر وأنا اطفئ سيجارة )) .مع ذلك ، تبقى بعض الرؤى في الرسائل متماسكة ، ويظهر روث للعيان ضميرا متميّز الشذوذ بالنسبة لعصره . كان روث يكره المانيا ، بأناقتها الزائفة ، أصواتها العالية وغانياتها القبيحات ، وميولها القومية الأكثر خطرا . وقرفه من القومية قاده الى احتقار اسرائيل الصهيونية ، ربما بنفس القدر الذي يلعن به المانيا المعادية للسامية . (( صهيوني هو اشتراكي قومي ، اشتراكي قومي هو صهيوني . )) يصف يهوديته الخاصة به بـ (( مسألة ميتافيزيقية )) . رغم أنه سعيد بأن يعرّف نفسه بيهودي ، لكنه كاثوليكي الروح .هذه هي مجموعة غريبة من رسائل ، لا تتضمن رسالة موجهة الى زوجة روث أو عشيقاته ، وهناك رسائل قليلة جدا لأسرته . ووصف علاقاته الرومانسية هو أقل تكرارا من قوائم مبالغ ديونه . لكن من الواضح أن ولعه يكمن في الأدب والصداقة أكثر من الحب والزواج . في هذه الناحية ، تعيننا الرسائل حقا على التعرّف على أكثر الجوانب توهجا وشخصية في روث ، والأكثر منها في مراسلاته مع زفايغ . صداقة روث معه رسمية على نحو نموذجي . في عام 1930 أقنع زفايغ روث بأن يسقط كلمة ’’ سيد ‘‘ من المخاطبة ، لكن روث ظل يحجم عن مخاطبة زفايغ بـ ’’ ستيفان ‘‘ . مع هذا ، فإن الرسمية لا تمنع التعبير عن الحب العميق والكراهية . كان روث مخلصا بقوّة الى ’’ الحبل السُرِّي للصداقة ‘‘ مع زفايغ
حياة في رسائل جوزيف روث.. ستيفان زفايغ وآخرون
نشر في: 28 إبريل, 2012: 05:54 م