علاء حسن العراقيون اصبحوا على قناعة تامة، بأن أيامهم تؤرخ بالدماء ، فمن السبت الى الاحد، مرورا بالاثنين والثلاثاء والاربعاء ثم الخميس الدامي ، باستثناء الجمعة ، لأن هذا اليوم مخصص للعبادة والاستراحة والاسترخاء ، وعقد ندوات تلفزيونية يشارك فيها مسؤولون وقادة امنيون لبيان اسباب تراجع الملف الامني ، وتأثير تداعيات الازمة السياسية في تدهور استقرار الاوضاع الامنية .
يوم الاربعاء الماضي اي قبل الخميس الدامي الاخير ، ذكرت وسائل اعلام محلية ان دولا اقليمية معروفة بعدائها للعملية السياسية والتجربة الديمقراطية في العراق ، ابدت استعدادها لدعم جهات محلية بالمال والرجال لاثارة الاضطراب الامني، تمهيدا للاطاحة بحكومة نوري المالكي ، وعززت تلك الأنباء تصريحات صادرة من نواب ائتلاف دولة القانون بعضهم من اعضاء لجنة الامن والدفاع البرلمانية ، وبعد مرور اكثر من 14 ساعة ، شهدت بغداد ومحافظات اخرى عشرات حوادث التفجير بعبوات ناسفة وسيارات مفخخة ، وهجمات مسلحة.ومعروف ان ما تذكره وسائل الإعلام في هذا الاطار ، لا يدخل في حسابات الاجهزة الاستخباراتية ، لأنها تعتمد على اساليبها ومصادرها الخاصة ، في احباط وكشف محاولات تنفيذ عمليات ارهابية ، بمعنى ان الاعلام في بعض الاحيان يغرد خارج السرب ، حينما يبث اخبارا تتضمن معلومات امنية حول تنفيذ هجمات محتملة .ايام العراقيين الدموية لا تبتعد عما عرف عن تاريخهم بأنه اعتمد ازاحة الأنظمة السياسية عبر المزيد من الدماء ، والشواهد كثيرة ، والاستعداد للقتل بشراهة، صفة حملتها احزاب وتنظيمات سياسية لتحقيق الوصول الى السلطة، ومن يقف وراء تنفيذ العمليات الارهابية يبغي هو الاخر تحقيق حلمه في الوصول الى سدة الحكم ، بقتل المدنيين الابرياء ، وسط عجز حكومي عن حماية امنهم وممتلكاتهم ، وبما يثبت ان خيط الدم الممتد من الحاضر الى مئات السنين من الماضي هو المسار الوحيد لتحقيق الرغبة في التربع على السلطة .بعد احداث الخميس الدامي وجدت اطراف مشاركة في الحكومة الفرصة مناسبة لتجديد مطالبتها باحتواء الازمة السياسية ، لأنها وراء الخراب والاضطراب الامني ، وهناك من عزا الاسباب الى تأخر اختيار المرشحين لشغل منصبي وزارتي الدفاع والداخلية ، وآخر اتهم دول الجوار ، ورابع اشار الى امكانية تكرار الحوادث لأن عناصر الاجهزة الامنية ، وبعد "نجاحها" في خطة "امن القمة العربية" بفرض حظر التجوال غير المعلن ، استسلمت لحالة من الاسترخاء ، مستمتعة بإشادة كبار المسؤولين بدورها في إحباط أية محاولة تستهدف امن ضيوف القمة .المعادلة الامنية العراقية ، تعتمد طرفين بينهما دماء الابرياء ، الطرف الاول تشديد الاجراءات وقطع المزيد من الطرق ونشر عشرات السيطرات المتحركة والثابتة ، وفرض سلطة العسكر على الاحياء السكنية ، والطرف الآخر من المعادلة التعرض لعمليات ارهابية مستمرة وربما على مدار الساعة، والعراقيون في هذا الجحيم ، يمنحون دماءهم كما فعل اجدادهم قبل مئات السنين.
نص ردن :أيام دامية
نشر في: 28 إبريل, 2012: 06:16 م