عدنان حسينكان يتعيّن على لجنة حماية الصحفيين الدولية أن تكذب أو أن تسكت في الأقل حيال ما يجري في العراق على صعيد أوضاع الصحفيين، والإعلاميين عموماً، وحال الحريات الصحفية، لكي يرضى أعضاء في لجنة الثقافة والإعلام النيابية، وبخاصة نواب قلب الحكومة، ولا يتعكّر مزاجهم بنقد يُوجه إلى حكومتهم.
هؤلاء الأعضاء مغتاظون لأن اللجنة الدولية ذات المقام الرفيع والسمعة المعتبرة أعلنت في تقرير لها حقيقة نعرفها جميعاً هي أن العراق بين الدول الأسوأ على صعيد عجز الدولة عن تأمين الحياة الآمنة للصحفيين وإفلات قتلة الصحفيين من العقاب. رئيس اللجنة النيابية علي الشلاه (دولة القانون) صرح أمس بأن "تقرير لجنة حماية الصحفيين الدولية لا يستند إلى الواقع، فحرية الإعلام في العراق لا مثيل لها على مستوى دول المنطقة، وما يتعرض له الصحفيون من قتل وتهديد يتعرض له جميع العراقيين على حد سواء"، (آكانيوز). كلام النائب غير صحيح بالمرة، فالصحفيون مستهدفون، قتلاً وقمعاً ليس فقط من المنظمات الإرهابية وإنما من قوات الحكومة التي اعتادت على أن تظهر متخلقة بأخلاق قوات صدام وأجهزته الأمنية كلما رأت صحفياً يغطي تظاهرة أو يرصد مظهراً سلبياً في الحياة العامة. وحرية العمل الإعلامي مستهدفة الآن بشكل مباشر من جانب الحكومة وأجهزتها بالقوانين التي نجحت في تشريعها (قانون حقوق الصحفيين) أو التي تسعى الآن لتشريعها (قانون حرية التعبير والتنظيم وقانون جرائم المعلوماتية).تقرير اللجنة الدولية لاحظ تقصيراً من جانب الحكومة في التحقيق في قضايا مقتل الصحفيين وتقديم القتلة إلى العدالة، فقد ظلت العشرات من ملفات الجرائم الخاصة بمقتل الصحفيين واختطافهم وتعذيبهم مغلقة، وسجلت الجرائم ضد مجهول. اللجنة الدولية لم تختلق الوقائع التي استندت إليها في تقريرها، فهي وقائع مستقاة من تقارير منظمات محلية ومن سجلات الدولة الرسمية. فعلى سبيل المثال كان مرصد الحريات الصحفية (العراقي) قد رصد 372 انتهاكاً وهجوماً واعتداء تعرض لها الصحافيون والإعلاميون في العراق بين مايس 2010 ومايس 2011 (بنسبة زيادة 55% عن السنة السابقة)، واستنتج المرصد أن هناك "تخطيطاً لمساع حقيقية" للسيطرة على وسائل الإعلام وحركة الصحافيين وممارسة الضغط عليهم وترهيبهم بشتى الوسائل لمنعهم من ممارسة عملهم بحرية.وصنف المرصد الاعتداءات ضد الصحافيين ومؤسساتهم الإعلامية بـ91 حالة اعتداء بالضرب تعرض لها صحافيون ومصورون ميدانيون من قبل قوات الأمن والجيش العراقيين، واعتقال واحتجاز 67 صحفياً وإعلامياً تفاوتت مدد اعتقالهم واحتجازهم، وإغلاق السلطات الأمنية 9 مؤسسات إعلامية (أعيد للعمل 8 منها). وأوضح التصنيف أن 11 مؤسسة إعلامية تعرضت للدهم والعبث بمحتوياتها وتهشيم بعض أجهزتها، وانه سجلت 69 حالة تضييق و49 حالة منع و8 هجمات مسلحة تعرض لها صحفيون ومؤسسات إعلامية و56 حالة لانتهاكات مختلفة، فيما قتل 12 صحفياً بأسلحة كاتمة للصوت وعبوات لاصقة ولم يكشف عن قتلتهم.نعم هذا بعض مما استندت إليه لجنة حماية الصحفيين الدولية في تقريرها الذي يهدف إلى تنبيه الحكومة العراقية، والحكومات الأخرى الوارد ذكرها في التقرير، إلى تقصيرها في القيام بواجبها من أجل تأمين حياة الصحفيين وملاحقة مضطهديهم وقتلتهم، فعلام يغتاظ نواب قلب الحكومة؟.
شناشيل :علام يغتاظ هؤلاء النواب؟
نشر في: 28 إبريل, 2012: 07:20 م