ترجمة / عبد الخالق عليعن الميل أون صندايكشفت وثائق حصلت عليها صحيفة الـ (ميل أون صنداي) أن الاستخبارات البريطانية الداخلية غدرت بأعداء العقيد القذافي الذين تم منحهم حق اللجوء إلى بريطانيا في عملية مشتركة مع جواسيس النظام الليبي العاملين على الأرض البريطانية. وتُظهر المعلومات المأخوذة من مئات الوثائق السرية غير الاعتيادية المستخرجة من أرشيف سادة التجسس الليبيين بعد إسقاط نظام القذافي –بمساعدة الجيش البريطاني– في العام الماضي الكثير من الحقائق الصادمة.
وتكشف الوثائق أساليب الترهيب والإكراه، و مخاوف العملاء البريطانيين من نشر أفعالهم في الصحافة البريطانية. كما أن الاستخبارات البريطانية قد انتهكت السرّية التي وعدت بها اللاجئين عند طلبهم اللجوء، وأخبرت الاستخبارات الليبية بأن الأهداف يمكن تهديدهم بالترحيل إلى ليبيا في حال رفضوا التعاون. هذه الاكتشافات سوف تسبب عاصفة سياسية. قال ديفيد ديفيد، النائب المحافظ، إن الوثائق تبيّن أن عملية 2004 الخاصة بترتيب "تسليم" المناوئ السابق للقذافي عبدالحكيم بلحاج من بانكوك الى طرابلس كانت مجرد "بداية ملحمة استخباراتية مستمرة". الآن يمكن مقاضاة بلير حول ادعاءات التعذيب الليبي التي زعم فيها احد الأشخاص ان المخابرات البريطانية الخارجية (أم آي 6) قامت بتسليمه إلى القذافي. يا لها من مفارقة! المسؤولون المتهمون بدعم التعذيب يريدون الآن أن تبقى أفعالهم سرية وألاّ يتم الكشف عنها علنيا. يضيف ديفيد "تقول الوثائق إن الوكالات البريطانية تكشف أسماء أفراد تم منحهم حق اللجوء في بريطانيا وترسلها إلى النظام الحاكم الذي هربوا منه. هذه خيانة وانتهاك للالتزامات والتقاليد البريطانية لأسباب سياسية وليس من اجل مصلحة الأمن القومي. إن ما تكشفه الوثائق هو الإكراه في أحسن الأحوال، والابتزاز في أسوأ الأحوال". يقول ديفيد كان من "الضروري" أن تتوسع تحقيقات سكوتلاند يارد في قضية بلحاج –الذي يقاضي اليوم وزير الخارجية السابق جاك سترو لسماحه بخطفه وتسليمه- لتشمل العمليات المشتركة بين الاستخبارات الليبية ووحدة الاستخبارات العسكرية البريطانية الخامسة. الخبراء في قانون اللجوء يقولون إن الوثائق تعتبر انتهاكا صارخا لاتفاقية جنيف في ما يتعلق باللاجئين وخرقا لقانون حقوق الإنسان وللقانون الجنائي. يقول اللورد كارليلي، المراجع السابق لقوانين محاربة الإرهاب البريطانية، إن الادعاءات خطيرة وتستوجب التحقيق. من جانب آخر يقول ضابط سابق في الاستخبارات البريطانية من الصعب أن نتخيل أن العمليات المشتركة لم تخضع لرقابة المسؤولين ومن المحتمل اشتراك وزارات الداخلية والخارجية بالإضافة إلى رئيس الوزراء حينها، توني بلير. إلا أن وزيرة الخارجية حينها ماركريت بيكيت قالت "لا اعتقد اني اعرف شيئا عن ذلك ولا أتذكره"، كما انها تعتقد أن القضايا المتعلقة بالعمليات لا تحتاج الى تصديق وزاري. اما اللورد ريد، وزير الداخلية السابق، فانه لم يرد على الاتصالات الهاتفية لكي يدلي بتعليقه حول الموضوع. كما قال الناطق باسم السيد بلير بأنه لا يتذكر شيئا عن العمليات. الوثائق تكشف لقاءات بين الاستخبارات البريطانية والليبية في طرابلس ولندن، وزيارات قام بها وكلاء ليبيون بهدف الوصول إلى أهدافهم في لندن ومانشستر في آب وتشرين أول 2006. انها تبين بان الاستخبارات الليبية نجحت نوعا ما وان بعض اللاجئين وافقوا على التعاون معها. تقول الوثائق إن الاستخبارات البريطانية أرادت حينها أن تحول اللاجئين الى مصادر لها معتقدة ان المجموعة التي ينتمون اليها –المجموعة الإسلامية الليبية القتالية– ترتبط بالقاعدة وتشكل تهديدا للأمن القومي للمملكة المتحدة. إلا أن تفاصيل احد اللقاءات، كشفت ان الاستخبارات كانت تعرف أيضا بان قرارها في العمل مع نظام دولة ما سوف يسبب تعذيب وقتل مناوئي ذلك النظام وانه موضوع خلافي ويجب الحفاظ عليه سريا. ليلة البارحة دافع احد المصادر الأمنية البريطانية عن التعاون مع الاستخبارات الليبية قائلا "العديد من المجاهدين الذين القي القبض عليهم في أفغانستان بعد 2001 كانوا من الليبيين، إنهم يشكلون تهديدا وتجب مراقبتهم". طالبت كارولين، الموظفة في الخدمات الأمنية، بتحقيق جنائي حول الموضوع. وكما وعدت الاستخبارات فأنها لم تترك شيئا للصدفة. كانت كارولين بانتظار اثنين من ضباط المخابرات الليبية هما العقيد نجم الدين عجيلي واحمد عبدالنبي عند هبوطهما من الطائرة في مطار هيثرو. كانا يعرفانها من خلال زيارة قامت بها مؤخرا إلى طرابلس. كانت تحمل معها جهازي هاتف نقال سريين ومهيئين. قامت الاستخبارات بإسكان الضابطين الليبيين في شقة فخمة بالقرب من أسواق هارودز في نايتسبريدج في لندن. من الطبيعي أن تكون كارولين قد رتبت مسألة النقل: رافقتهما في سيارة تابعة للاستخبارات إلى شقة آمنة تابعة للوحدة أيضا في أرقى مناطق لندن لا تبعد كثيرا عن هارودز وتبعد قليلا عن ساحة سانت جيمس التي أطلقت فيها النار على فون فليتشر من قبل دبلوماسي ليبي عام 1984. في اليوم التالي –10 آب 2006– بدأت العملية المشتركة بين الاستخبارات البريطانية والمخابرات الخارجية للدكتاتور الليبي معمر القذافي. وطبعا كان العجيلي وعبدالنبي متفرغين للاستمتاع بليلة جمي
القذافي وبريطانيا والحقيقة التي يجب أن تُعرف
نشر في: 28 إبريل, 2012: 07:27 م