TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس: العراق بوصفه درع إيران

قرطاس: العراق بوصفه درع إيران

نشر في: 28 إبريل, 2012: 07:40 م

 أحمد عبد الحسينإذا صحّ الخبر الذي أوردتْه وكالة "مهر" الإيرانيّة عن تصريحٍ لنائب الرئيس الإيرانيّ محمد رضا رحيمي أنه دعا فيه لوحدةٍ بين العراق وإيران، فإننا على أعتاب مرحلةٍ جديدة يفصح فيها العنوان الطائفيّ عن نفسه بشكلّ جليّ لا لبس فيه. يتأكد إذا ما علمنا أن رحيمي برّر مشروع الوحدة بين البلدين بوصفه ردّاً على "مؤامرات على المستوى الدولي ضد الشعبين الإيراني والعراقي بسبب معتقداتهما".
العقيدة إذن ستجعل من العراق وإيران دولة واحدة بإذن الله، بعد أن قاتلناهم سنوات طوالاً بسبب العقيدة أيضاً، والعقيدة ـ على ما يبدو ـ هي التي جعلتْ إيران أقرب إلينا من جيران آخرين يتكلمون لغتنا ونتشارك وإياهم في الثقافة والتأريخ المشترك، فأصبحوا اليوم خصوماً "عقائديين" لنا.الوحدة عقائدية كما كانت الحرب العبثية عقائدية أيضاً، لكنّ في الوحدة من العبث واللامعقول أكثر مما في الحرب، وفي الوحدة التي سيهلل لها الطائفيون خسائر ستكون على الجانبين "العراقيّ خصوصاً" أشدّ وأفدح من خسائر حرب السنوات الثماني. وإلا ماذا يعني اتحاد دولتين تعيش الحكومتان فيهما "حصارهما" النفسيّ ذا الجذر العقائدي، ويعانيان هذا الشعور الممضّ في أنهما مطوّقان بدولٍ وشعوبٍ لا تطيقهما ولا تريد أن تترك لهما مكاناً تحت الشمس.الدولة الشيعية الجديدة التي يراد العمل لها "ربما يكون اسمها الجمهورية الإسلامية المتحدة" ستكون أشبه بالغيتو، ستجمع فيها الحكومتان عزلتيهما معاً لتكوين عزلة أكبر. وكلتاهما تعانيان  انسداد الأفق: حكومة المالكيّ تعيش رعبها الشخصيّ من مؤامرات داخلية يمارسها الفرقاء، وأخرى خارجية تقودها السعودية وقطر وتركيا "الدول التي لا تجمعنا العقيدة وإياهم"!، وحكومة نجاد التي يشكك بعض الإيرانيين في شرعية فوزها بالانتخابات دخلتْ منذ زمن بعيد الزقاق الذي لا يؤدي إلى منفذ، وأزمتها النووية مع العالم ليس إلا عنوان أزمةٍ بنيويّة تتعلق بنمط الحُكم وشخصية الحاكم، لكنّ من مصلحة نجاد أن يقنع الآخرين بجذر عقائديّ للأزمة، كما يريد لنا رحيمي إقناعنا بسبب عقائدي وراء اتحاد العراق مع جارته اللدود.تحطيم هويّة العراق، أسهم فيه صدام بشكل كبير، وأكمل مشروع "تتفيه" هويّة الدولة العراقية، واليوم قد يباشر حاكمونا المشروع نفسه بإلغاء الدولة العراقية في مشاريع وحدوية مضحكة رداً على "مؤامرات" دول الجوار ضدّ المالكيّ.إيران تطمح للعب دور عالميّ، لم يعد في ذلك شكّ، إنها تناطح أضخم عمالقة الكرة الأرضية اقتصاداً وتسليحاً، لكنها من الذكاء بحيث تؤجل كلّ آنٍ صدامها مع هذه القوى، لأنها تدرك أن حرباً كونية لن تكون في مصلحتها أبداً رغم الجعجعة الإعلامية التي تثيرها طهران وحلفاؤها،  رحيمي نفسه كشف عن حلم إيران بقوله "إذا اتحدت إيران والعراق بشكل تام فإنهما سيشكلان قوة كبيرة على الصعيد العالمي".إيران حاربتْ أميركا بأبنائنا منذ 2003، وهي ستحارب اليوم بدولتنا كلها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram