TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > تحت الضغط العالي: شهادات مسحوبة بحبل

تحت الضغط العالي: شهادات مسحوبة بحبل

نشر في: 29 إبريل, 2012: 07:35 م

 قيس قاسم العجرشاستماتت سلطة البحرين من أجل إقامة سباق الفورميلا في الجزيرة المنكوبة بالتسلط والفردانية والطائفية المتحجرة. طبعاً هذا الحرص الفائق ليس لأن الفورميلا هي بوابة الشرق للغرب أو أن المخططين "الكبار" في السلطة هناك يريدون مد جسور الواقع مع الحداثة أو أنهم رياضيون أو أنهم ذوو تفكير يعبر حدود القبيلة والقومية إلى الكون الفسيح .
الأمر ببساطة هو محاولة لشراء شهادة دولية بالاستقرار المفقود والاعتراف المثلوم، فقط المخططون والساعون لهذه التعمية يشعرون بوطأة هذا النقص.  حتى وإن كان هذا الاستقرار موصوفاً فقط على حلبة مضمار تتسارع بها السيارات على مدى 48 ساعة فقط.قبل البحرين سعت الحكومة عندنا الى حالة مشابهة عبر شعار"كل شيء من أجل القمة العربية"فتجندت إمكانات الدولة المادية والأمنية وحتى ماء الوجه من أجل عقد القمة، والواقع يقول إن السياسة العراقية الحالية ليست مهتمة فعلاً بمد أواصر التطبيع مع البلدان العربية قدر اهتمامها بشراء شهادة مماثلة أيضاً.شراء الشهادات توسع وتفاقم وأصبح له سوق واسع في البلدان المأزومة، حتى إن جهات دولية ومنظمات استشعرت حاجة سوق الحكومات لهذه الشهادات فعملت على توفير وتلبية هذا الاحتياج، وفقاً لقانون العرض والطلب المعروف. يأس الحاكم من استحصال حيز الوجود الشرعي يدفعه بالغالب الى هذه الألاعيب المكشوفة والتي يضحك لها عامة الناس ويقولون الجملة الشهيرة "قديمة ..إلعب غيرها"، لكن هذه الهواية الجديدة للأسف تؤسس الى فقدان حواس الاستقبال عندهم، بداية التداعي في التفكير العقلاني، بدأت القطيعة مع الناس والمحيط مع هذا الأداء وستستشري مع كل نضوح يفقدونه لاحقاً من خزين الشرعية .بدلاً من محاولة العودة الى الدستور ونيل "شهادته"بشرعية الأداء واتخاذه كساء للحماية ومظلة للعمل الذي يجلب بالضرورة حماية كل العالم، نجد أن هذا الأداء المستجدي للشهادات الرخيصة ينفصم في التفاهم مع نفسه. ومع ذلك فمن المفيد أن ننبه الساعين الى شراء هذا النوع من الاعتراف والشرعية، إنها قصة خاسرة .إن أفضل وصفة جاهزة مأمونة لتثبيت الشرعية القلقة هي شرعية الأداء، لا يكفي أن تحوز الحكومة (الديمقراطية) على ثقة الناس عبر صندوق الانتخابات بل عليها أولاً ان تشرع بالأمر الذي وجدت من أجله الحكومة بدلاً من اختراع مهام لم تصمم لها أصلاً .أثبتت التجربة ،ولكم في الربيع العربي عبرة، أن الاهتمام بالأصباغ والألوان دون المضمون يودي في النهاية إلى هاوية لا رجعة منها أبداً ، الأسوأ أن هذه الهاوية يمكن أن تبتلع الجميع، الحاكم والناس وخفافيش النظام التي تظن أنها في مأمن...لكن الوحيدين القادرين على العودة منها هم الناس ..اما الحاكم؟ ...لم يحدث أن عاد بعد أن هوى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram