هاشم العقابيلا يخفي كثير من المسؤولين، وبعض من غير المسؤولين، اعجابهم بالنظام "الديمقراطي" بالعراق، حتى ان هناك من يدعو الدول الاخرى للاستفادة من تجربتنا "الديمقراطية الرائدة". لكني اظن انهم الوحيدون بالعالم يدعون ذلك وليس في بلدهم معارضة برلمانية بالمعنى الصحيح للمعارضة. وديمقراطية بدون معارضة تبقى ناقصة مهما حاول البعض تلميع شكلها أو مضمونها.
كانت هناك فرصة ذهبية بيد اياد علاوي ان يقود معارضة مهمة بعدما ابعدت المحكمة الاتحادية كتلته التي حصلت على اعلى المقاعد النيابية طبقا لنتائج الانتخابات الأخيرة، لكنه ضيعها وربما الى الابد. وان كان علاوي قد فقد، وغيره، رئاسة الحكومة والمعارضة معا، الا انهم لجؤوا لصنف مبتكر من انواع المعارضة استطيع ان اسميه "معارضة معنوية" وليست سياسية. ففي دول الديمقراطية الحقيقية، كبريطانيا مثلا، لايمكن ان يكون لحزب معارض وزير في الحكومة. أما نحن فتجد فينا من يدعي انه معارض وهو نائب لرئيس مجلس الوزراء، كما في حالة السيد صالح المطلك. كانت امي تردد مثلا شعبيا باستمرار يقول: "زعلان ونكابه حمر". و"النكاب" يعني النقاب.هذه لم "تعبر" على رئيس الوزراء بل واعطته الحق في ان يقول انه لا توجد معارضة بل مشاركة. وهو في هذا مصيب تماما. فما بين الحكومة والمعارضة لا توجد عصا للمسك بها من الوسط ولا يوجد بها تل حتى يمكن لمن يحب الوقوف عليه. أما أو.لا ينكر ان هناك معارضة فردية. فقد تجد في القائمة العراقية افرادا معارضين وقد تجدهم في التحالف الوطني وكذلك في الكردستاني. واغلب هؤلاء يعارضون سياسة السيد المالكي ونزعته نحو التفرد بالسلطة التي من اهم علاماتها السيطرة على الهيئات المستقلة وحصر الكثير من المناصب التنفيذية، خاصة الامنية، بيده. ولو اردنا أن نحسبها بحسبة بسيطة، ووفقا للتصريحات، فقد نجد ان المطلك من اشد المنتقدين للمالكي. اذ وصل الامر به الى وصف المالكي بانه اسوأ من صدام، لان الأخير "كان دكتاتورا يبني" أما الأول "فدكتاتور ولم يبن". الأخ لا يهمه ان يحكمنا دكتاتور بشرط ان يكون "خلفة". وهذه هي التي دعت رئيس الوزراء ان يطالب البرلمان بسحب الثقة عنه. لم يتراجع المطلك وظل مصرا على رأيه حتى ترك انطباعا بانه لن يتراجع عن هذا الامر أو يعتذر. فكرة لما تفارق المطلك ولم يفارقها حتى وكأنه تزوجها زواجا كاثوليكيا، ان جاز التعبير.وفجأة تراجع المطلك واعلن "الطلاك". انه يرفض سحب الثقة من المالكي ويوافق رأي دولة القانون في ان خيار سحبها "ليس مطروحا في الوقت الراهن". لا نلوم الرجل، لكن طلاقه السريع هذا أجج في دواخلنا اسئلة نتمنى عليه، كمواطنين على الأقل، ان يجيبنا عليها بصراحة:هل هو طلاق بائن بالثلاث ام انه طلاق رجعي (مؤقت)؟ وما هو السبب الحقيقي للطلاق؟ فهل، مثلا، ان المالكي ليس دكتاتورا، ام انه دكتاتور لكن المطلك اكتشف مؤخرا انه يبني مثل صدام حسب ما كان يحدثنا؟ من حق السياسي، وربما غير السياسي ايضا، أن يغير موقفه. لكن من يقول انه ديمقراطي عليه ان يوضح سبب انقلابه للشعب خاصة اذا كان من نوع "الجقلنبة" السريعة أو المفاجئة.
سلاما ياعراق : "جقلنبة" المطلك
نشر في: 29 إبريل, 2012: 08:41 م