بعد مهرجان الحب الذي اقامه كل من اوباما ورومني لاسرائيل، في الاسبوع الماضي، كان العرب يقررون من سيكون الافضل للشرق الاوسط من الاثنين، ويبدو ان باراك أوباما هو رجلهما، ولكن المشكلة –كما هو دائماً- الحقيقة المؤلمة الحزينة والواضحة بفظاعة، ان الامر لا يختلف في كلا الحالتين.لقد غزا جورج بوش العراق، بعد اعطائه لـ أريل شارون موافقته لاستيطان الضفة الغربية، اوباما خرج من العراق، ازدادت الضربات على الحدود الباكستانية- الافغانية، وعندما قال بينجامين ناتنياهو لاوباما، ان لا نقاش حول حدود اسرائيل في عام 1967، ولم يقل الاخير ما يتناسب مع مكانته، كرئيس قوي لدولة مستقلة، بل ان رئيس الوزراء الاسرائيلي، اعلن بقوة ان قرار مجلس الأمن المرقم 242، أساس (محادثات السلام) التي لا وجود لها، لن يعمل به.
ومنذ ذلك الحين، قال رومني، الذي يبدو ان فهمه للشرق الاوسط لا يختلف عن ادراك ذلك الواعظ في تكساس والذي أحرق القرآن (ان الفلسطينيين لا اهتمام لديهم للوصول الى السلام، وهو حتى الآن لم يفسر بشكل واضح لماذا بدا، في عام 2005 وهو حاكم لولاية ماساشوستس حريصاً جداً على احاطة الجوامع بأجهزة التنصت اذن، حظا سعيدا للعرب).
وعلى أي حال، فان الحقيقة ان الرئيس القادم لن تكون له الحرية لاقرار سياسته في الشرق الاوسط، فان علاقة الحب القديمة مع اسرائيل ستتواصل حتى تقوم اسرائيل بمهاجمة ايران وتسحب اميركا الى حرب أخرى في الشرق الاوسط، ولكن للمرة الاولى في التاريخ الاميركي، سيقوم مرشح رئاسي ناجح، بالتعامل مع عالم عربي جديد، وعالم مسلم جديد حقاً. ان الموضوع الحرج هو ان صحوة العرب (أرجو ان ننسى "لربيع قليلاً") تمثل شعباً يطلب الكرامة، وهذا الامر يشمل ايضاً المسلمين –غير العرب فما الذي كان غاية (الثورة الخضراء الصغيرة) التي جاءت بعد الانتخابات الايرانية؟ انه يعني ان الملايين التي تعيش في جزء من العالم نطلق عليه (الشرق الاوسط)- تنوي الآن اتخاذ قراراتها بنفسها – حسب رغباتها، وليس عبر رؤسائها السابقين، ويبدو ان اسيادهم في واشنطن مايزالون لا يفهمون هذا الامر، وربما ان اوباما يفهم الأمر. رومني؟ اراهن انه لا يستطيع ان يرسم خارطة لشعوب المنطقة، ما عدا شعب واحد بطبيعة الحال. وعلى العكس من الاعتقاد الغربي جميعاً يناضلون من اجل (الديمقراطية) فان معركة او مأساة الشرق الاوسط حالياً، فيما يخص نتيجة الثورة (الناعمة) في تونس او المذبحة في سوريا، تتعلق بلكمة (الكرامة) عن حق الانسان في قول ما يشاء عمن يشاء، وليس السماح لطاغية بتملك البلاد بأكملها، ملكاً خاصاً به، (أو بمقدار ما تسمح له الولايات المتحدة الاميركية).أجل ان الثورات تشوبها الفوضى، فالثورة المصرية لم تسر حسبما تخيلنا، وليبيا قد تتجزأ وسوريا في زلزال، ولكن الشعب العربي، بدأ يتكلم اخيراً ويعلن عن رغباته وآماله، وهم الآن يتحققون من ان رؤساء وزاراتهم، يواجهون طلباتهم، دون الأخذ برأي واشنطن أو موسكو، وعلى العكس من اعتقاد رومني بعد وجود قيم مضاربة بين العرب –مقارنة بملاحظاته غير الاعتيادية عن حضارة اسرائيل ان الناس في الشرق الأوسط يؤكدون على العكس انها عملية بطيئة، وكل قارئ لهذه المقالة، سيموت أو يصل الى أواخر عمره، قبل ان تتم تماماً (ثورة العرب).
لقد ولّت تلك الايام عندما كان رؤساء اميركا يملون طلباتهم على حكام الشرق الاوسط (ماذا يقولون ويفعلون)، لقد انقضى ذلك الامر وسيأتي وقت طويل قبل ان يتداعى نظام الحكم في السعودية، ومعها ايضاً انظمة محطات النفط في الخليج، وانا اعتقد، كان يجب القول، ان تراجيدية قضية فلسطين قد تكمن في قلب الصحوة العربية.
ومع الأسف، فان الفلسطينيين هم الوحيدون الذين لن يستفيدوا من الثورات العربية، اذ لا توجد أراضٍ كافية ومتبقية لهم ليجعلوا منها دولة، وهذه حقيقة تتجاوز الصدفة، وكل من يشك بهذه الكلمات عليه السفر الى اسرائيل والقاء نظرة على الضفة الغربية، اذ لم يبق مكان لفلسطين، وهذه هي الحقيقة الاساسية التي يجب على رؤساء الولايات المتحدة الاميركية مواجهتها في الاعوام القادمة.
عن الإندبندنت
جميع التعليقات 1
عزت
لا يهمنا ولا ينفعنا سواء كان الفائز اوباما أو رومني ديمقراطي أو جمهوري حمار أو فيل. لا فرق بينهم. كلهم يعملون ضد العرب. يتسابقون في تقديم الولاء والطاعة والحماية لإسرائيل.