جاسب عودة حسنلشعوب العالم أعياد حسب معتقداتها الدينية والوطنية وهنالك تفاوت بالتواريخ والأيام ،إلا أن العالم يحتفل بتاريخ واحد ويوم محدد هو الأول من أيار عيد الطبقة العاملة العالمي ،ففي كل عام تحتفل الطبقة العاملة في أرجاء العالم بالأول من أيار وتتشارك شعوب العالم على مختلف أنظمتها في هذه الاحتفالات وتعبر عن حبها وامتنانها للطبقة العاملة التي تعمل من اجل سعادة الإنسان وتوفر متطلبات الحياة من خلال إنتاجها الخيرات المادية .
في الأول من أيار تنظم المسيرات والمهرجانات والاحتفالات وترفع الشعارات المطالبة بتحسين ظروف العمل والحقوق والحريات النقابية وتأمين الضمانات الاجتماعية وتقديم الخدمات ويشارك الكثير من رؤساء الحكومات والوزراء والبرلمانيون والسياسة الطبقة العاملة في عيدهم المجيد ،ويكون على رأس المحتفلين القيادات النقابية العمالية ,تصدح حناجر العمال بالأناشيد العمالية والوطنية وترفع الرايات الملونة ويرتدي الجميع أحلى وأجمل الألبسة وبدلات العمل .في العراق جرى الاحتفال بشكل رسمي وجماهيري في الأول من أيار عام 1959 واستمرت مظاهر الاحتفال في كل عام ،إذ تنظم المسيرات وترفع معالم الزينة وتقام الفعاليات والمهرجانات وتصدر البيانات ويكرم أبطال الإنتاج من العاملات والعمال المبدعين .النظام الديكتاتوري السابق لم يرق له أن تأخذ الطبقة العاملة دورها في العملية السياسية والاقتصادية وخوفاً من تنامي قوتها عمد إلى إصدار القرار المرقم 150 لسنة 1987 الذي حوّل العمال في القطاع الحكومي إلى موظفين وإلغاء قانون العمل رقم 151 لسنة 1970 الذي يعتبر من أرقى القوانين العمالية في المنطقة وأصدر قانونا جديدا برقم 71 لسنة 1987 وقانون التنظيم النقابي رقم 52 لسنة 1987 والذي بموجبه منع التنظيم النقابي العمالي في القطاع العام وقد استبعد ما يقارب 70% من حجم الطبقة العاملة وقلصت الهياكل النقابية واختفت مظاهر الاحتفال في الأول من أيار لكون التنظيم النقابي في القطاع الحكومي يشكل العمود الفقري للحركة النقابية العمالية . بعد سقوط النظام السابق ظهرت التعددية النقابية وشكلت اتحادات عدة وكل منها يدعي الشرعية والقانونية في عمله والحكومات المتعاقبة لم تعترف سوى باتحاد واحد هو الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق لكون تأسيسه جاء وفق قانون التنظيم النقابي رقم (52) لسنة 1987 .لم تستطع الاتحادات العمالية التي تشكلت بتنظيم مسيرة عمالية موحدة في الأول من أيار منذ عام 2003 والى حد الآن واقتصرت الاحتفالات على الفنادق وقاعات بعض النقابات المهنية وغابت عن شوارعنا المسيرات والمهرجانات بفعل تمزيق وحدة الطبقة العاملة وعدم تقديم المكاسب والرعاية والاهتمام بالعمال وتسريح أعداد كثيرة منهم بفعل الاستيراد المفتوح وغلق المئات من المصانع والمعامل وانحسار حجم العضوية والانتماء للنقابات وعدم تشريع قوانين جديدة للعمل والضمان الاجتماعي والسعي إلى تهميش دور الطبقة العاملة في العملية السياسية والاقتصادية .الحكومات المتعاقبة لم تول أي اهتمام بالطبقة العاملة وتدخلت في شؤون الاتحادات والنقابات المهنية من خلال القرارات والأوامر الصادرة عن اللجنة الوزارية العليا لتنفيذ قرار مجلس الحكم رقم(3) لسنة 2004 وتمسكت بالقرارات التي أصدرها النظام السابق وبالأخص قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (150 ) لسنة 1987 وحرمان الطبقة العاملة من ممارسة حقها الشرعي بالانتماء للتنظيم النقابي واختصار النشاط النقابي على القطاع الخاص والمختلط والتعاوني وتعطيل الانتخابات العمالية منذ عام 2008 والتي كفلها الدستور والتشريعات الوطنية .لم يحضر أي مسؤول حكومي الاحتفالات المتواضعة التي تقام في الأول من أيار من كل عام وكأن الطبقة العاملة زالت وانتهت وليس لها وجود وتأثير في عراقنا الجديد. لقد عودنا رئيس الجمهورية الأستاذ جلال طالباني منذ أعوام عدة على تقديم التهاني للطبقة العاملة العراقية بمناسبة حلول الذكرى السنوية للأول من أيار الخالد. لم تحظ الحركة النقابية العمالية بأي دعم يذكر لرفع مستواها وتعزيز دورها في تأدية مهامها الوطنية والنضالية والطبقية والثورات الصناعية ،وبناء الاقتصاد اعتمد أساسا على الطبقة العاملة فهل تنتبه حكومتنا الوطنية إلى ذلك وترعى الطبقة العاملة وتشد على أيديها في البناء والإعمار والتنمية الاقتصادية وتعويضها عما أصابها من الفقر والعوز لعقود ماضية . إنني أدعو الطبقة العاملة والتنظيم العمالي إلى جعل الأول من أيار في كلّ عام مناسبة للتعبير عن القدرة والإمكانية لوجود تنظيم قوي وفعال للطبقة العاملة من خلال الاحتفالات والمسيرات والتجمعات العمالية في المصانع والمعامل والمؤسسات الحكومية وليكن الأول من أيار مناسبة للمطالبة بالحقوق والتشريعات العمالية والضمان الاجتماعي . rn سكرتير الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق
عيد العمال العالمي..مناسبة لإنصاف بُناة الحياة
نشر في: 1 مايو, 2012: 07:12 م