حازم مبيضينكشف عمرو موسى, المترشح لموقع رئاسة مصر, عن ارتباطه بالعسكر الحاكمين اليوم, بقوله إنه سيمنح المجلس الأعلى للقوات المسلحة, دوراً في رسم السياسات الأساسية للبلاد, عبر مجلس للأمن القومي, وهو بذلك سيكون إن نجح, امتداداً لحكم مبارك والسادات وعبد الناصر, ولكن على شكل رئيس تحركه أصابع العسكر,
الذين ثار المصريون للتخلص من طغيانهم, بعد أن حكموا مصر عقوداً بائسة, غابت فيها الديمقراطية, وإلى درجة أن الجماهير المصرية اختارت الإخوان المسلمين ليكونوا الأغلبية في برلمان ما بعد مبارك, لمجرد أن حكام مصر المتعاقبين اضطهدوهم, ومنعوهم من العمل العلني.لاشك أن العسكريين يسعون للاستمرار في ممارسة نفوذهم, ولو من وراء ستار, خصوصاً لجهة قرار الحرب والسلام مع إسرائيل, لكون مؤسستهم هي أول وأكثر من يتأثر بقرار كهذا, وهم الذين استرخوا طويلاً, بعد توقيع السادات لأول معاهدة سلام مع الدولة العبرية, وتحولت اهتماماتهم إلى غير ميادين الحرب والقتال, وهكذا فإنهم سيمارسون نفوذهم عبر مجلس الأمن القومي, الذي يقترحه موسى برئاسته, ويضم الوزراء البارزين وكبار ضباط الجيش, وتتركز مهامه في مناقشة قضايا الأمن القومي, ولا يعني ذلك بحال اقتصار نقاشاته حول قضايا الدفاع والحرب, بل سيشمل كل قضية تتصل بالأمن القومي, كالمياه والعلاقات مع دول الجوار, وكل المسائل ذات الأولوية القصوى للعمل الوطني.ذلك يعني الالتفاف على مطالب الثورة, ورغبة ممثليها السياسيين في الحد من النفوذ السياسي للجيش, الذي أعلن قادته أنهم سيسلمون السلطة للمدنيين, ويعودون إلى ثكناتهم بعد انتخاب رئيس الدولة, الذي سينشغل دون أدنى شك بمعالجة القضايا الحياتية, التي دفعت الكثير من المصريين للنزول الى الشوارع وساحات التحرير, ويترك السياسة الخارجية للجيش, الذي يؤكد بذلك أنه جاء إلى الحكم لتنفيذ هذا السيناريو, الذي يحفظ معاهدة السلام مع إسرائيل, ويحافظ على العلاقة المتميزة مع واشنطن, واستطراداً مع دول الاعتدال العربي, التي تخوض اليوم اشتباكاً لم يتسلح بعد مع الجمهورية الإيرانية, التي تحظى بعداء كبير عند كل الساسة الغربيين.موسى الذي تمحورت حياته السياسية حول سياسات مصر الخارجية, سيترك هذا الملف بأيدي العسكر, المؤمنين بضرورة استمرار كل الظروف, الملائمة لتدفق المساعدات الأميركية, وخصوصاً منها ذات الطابع العسكري, وهي تبلغ ما يقارب ملياراً ونصف مليار من الدولارات, وغني عن القول مقدار ما يوفره مثل هذا المبلغ, من امتيازات لجيش غير مقاتل, ويقاتل اليوم كي لا يعود للقتال, وإذ يلتقط موسى اللحظة بما فيها من دلالات, فإنه يعلن موافقته على خطط الجيش, عبر القول إن مصر في جو أزمة, وإن العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والجيش, ليست الموضوع الذي يتعين طرحه الآن للمناقشة, وإن على الرئيس المقبل الابتعاد عن سياسات المواجهة, لكونه بحاجة إلى العمل مع قاعدة عريضة من اللاعبين, ويتعين عليه الجلوس مع الآخرين, ليبحث معهم القضايا ويتوصل معهم لاتفاق.مع موسى الذي تبدو حظوظه في تولي رئاسة مصر كبيرة, سيكون للعسكر الدور الرئيس, في مرحلة الانتقال التي بدأت في مصر, ولن تتوقف إلى أن يلتزم الجند ثكناتهم, ويتركوا للسياسيين والأحزاب وقوى المجتمع إدارة البلاد بصورة مدنية, وبحسب نتائج صناديق الاقتراع.
في الحدث: العسكر مستمرون في حكم مصر
نشر في: 2 مايو, 2012: 08:13 م