قيس قاسم العجرشبدأت أتيقّن أن اللغة المشتركة مفقودة تماماً بين جوق التهريج الحكومي والنفعي الذي تبنّى "قانون حقوق الصحفيين" وبين الجهات العراقية البرلمانية والدولية ومنظمات المجتمع المدني التي نادت بقراءة متأنية لهذا القانون الملغوم.
أكثر من هذا إن الحكومة التي تجيد تفخيخ القوانين وجعلها قرباجاً بدلاً من أن يكون مظلة للحقوق أردفت القانون سيئ الخلقة والخلق بتوأمين سياميين مشوهين أحدهما اسمه "حرية التعبير والتظاهر السلمي" والثاني هو "جرائم المعلوماتية".أما جوق التهريج المذكور فله كل الحق في الاستماتة بالدفاع عن هذا القانون، لأنه قانون عجيب يحول الأشياء التي لا قيمة لها إلى مرجعية للعمل الصحفي والمدني في العراق.هذا القانون يحول التراب إلى كباب عملياً لكنه يضعه بيد شلّة تحسن صيد كل شيء والاستعطاء والاسترزاق بكل شيء باستثناء العمل الصحفي.لم يسمع هؤلاء المبهورون بعطايا وتفضيل وتقريب رئيس الوزراء ومائدة مستشاره الإعلامي عن رقابة الصحافة ودورها التصحيحي في الأنظمة الديمقراطية.لم يخرج أحد منهم ولن يخرج ليشرح لنا ما المعني من لفظ "حقوق" في القانون غير قطعة الأرض ومنحة 80 ألف دينار شهرياً للصحفي المبجل، صانع الرأي العام وحامل هم الناس ومصحح الانحراف عن الديمقراطية. إن كانوا يرون أن هاتين الرزيّتين المُهينتين هي من باب الحقوق، فأنا لأشفق على الحق العام الذي يمكن أن تنتزعه هكذا صحافة بهكذا صحفيين لصالح الناس.مرة أخرى، لا أتوجه باللائمة لمن لم يسمع في حياته عن أصول الحريات الصحفية ومعنى أن يصل الصحفي إلى معلومة يكوّن من خلالها رأياً عاماً وشأناً عاماً يحدّ في أقله من الفساد الذي ارتدّ علينا مثلما ترتدّ المجاري الطافحة.وحين قرأنا بنود اتفاقية أربيل التي أعلنت مؤخراً لم نستغرب السبب الذي أصرّت من اجله الحكومة ونوابها على تمرير القانون لأنها حكومة قانون، أي قانون، المهم كلمات مكتوبة على ورق ينشر في الجريدة الرسمية أما البرلمان فإن الحكومة أخبر من غيرها وأعلم بوسائل الترغيب والترهيب التي تتمكن عبرها من تغيير عنق البرلماني، إلا من شملته عناية السماء.لن نستغرب إن كانت الحكومة وبرلمانها ونقابتها (نقاباتها) وصحفييها.. عافاكم الله، تعد الصحفيين قوماً يعيشون في بحبوحة عمل بعد القانون البدعة... لكن ليطمئن الصحفيون الحقيقيون، إن قطعة الأرض ليست منّة، لا من الحكومة ولا من الأمانة العامة لمجلس الوزراء ولا من أي شلة تدور بين موائدها إنها حق مؤصل لا يمنحه أي قانون. إنها حق لكل عراقي سواء كان صحفياً حقيقياً أم صحفياً (بالهوية) أم من عامة الناس.أحسن من هذا، سيجلب هذا القانون لعنات دولية ستتواصل في تقييمها المتدني لمستوى الحريات الإعلامية في العراق وما تفعله الحكومة كي تمحو سوءتها بنصوص هذا القانون الفضيحة.
تحت الضغط العالي: حقوقنا.. عافاكم الله
نشر في: 2 مايو, 2012: 08:38 م