علاء حسن كغيره من العراقيين من أبناء الأرياف طاردته لعنة تصغير الأسماء قبل عشرات السنين فتحول اسمه من مغزل إلى "مغيزل"، وفي احد الأيام وعندما كان في سوق السماوة، قاده حظه العاثر ليتعرض لسؤال احد عناصر الانضباط العسكري، وتبين أن مغيزل مطلوب للخدمة العسكرية ومتخلف عن السوق فتم إلحاقه بمركز تدريب النجف، ليكون تحت رحمة عريف الفصيل بدر مهاوش. ليرى في كل يوم نجوم الظهر، فضلا عن الوقوع بالإحراج المتكرر أمام زملائه في الفصيل نتيجة
أوامر وتعليمات العريف خارج قواعد وسياقات الضبط العسكري، ومنها مثلا أن مغيزل افرغ علبة "كريم النيفيا" بصمونة الجيش، وتناولها مع الدبس بتشجيع من العريف بعد أن اخبره بأن العلبة، تحتوي على نوع من القيمر المستورد من بلد أوروبي. في الأيام الأولى من حياة "مغيزل" العسكرية، ولكونه يجهل القراءة والكتابة، تعرض لعقوبة السجن وقطع الراتب البالغ وقتذاك أربعة دنانير، ولعجزه عن تنفيذ الإيعازات أثناء المسير والى اليسار واليمين وللوراء در، كان سببا في فرض عقوبة جماعية على الفصيل من قبل الضباط المشرفين على التدريب بزيان الصفر، والتكليف بواجبات صعبة عادة ما ينفذها المحتجزون في سجن الوحدة. ابتكر العريف مهاوش طريقة جديدة في حث "مغيزل " على أن يكون أكثر انسجاما مع أداء زملائه في الفصيل، فأخذ يطلق إيعازات من قبيل "مغيزل الحك ربعك" بمعنى التحق بالآخرين للبدء بالهرولة.وبهذه الطريقة تطور أداء الفصيل وتخلص أفراده من العقوبات المتكررة، وحصل تحول جذري في قدرات مغيزل الذهنية عندما تحرر من أميته على يد احد المعلمين العاملين في قلم الوحدة وباعتماد "القراءة الخلدونية" فجرّب كتابة أول رسالة لأبيه وعنونها لعطار يقع دكانه في سوق السماوة الكبير، وتضمنت الرغبة في التطوع بالجيش لخدمة الوطن. بعد ستة أشهر من التطوع بصنف المشاة، حصل مغيزل على أول خيط، وبهذه المناسبة التي تعد الخطوة الأولى في حياته العسكرية أقام الأب وليمة كبيرة على شرف مغيزل، فأخذ يحدث المدعويين وبعد التهامهم لحم العجل، وشرب الشاي وتدخين السجائر، على أهمية تطوع الشباب بصنوف الجيش لضمان راتب شهري محترم، فضلا عن الحصول على شرف الدفاع عن الوطن من الأعداء، وهنا استوقفه احد الحاضرين بالسؤال عن العدو، والى أية عشيرة ينتمي، فجاء الجواب أن العدو المقصود خارجي، يستهدف امن الوطن واستباحة كرامة شعبه، والأمر لا يتعلق بالنزاع العشائري والقضايا الخلافية المحلية. المحاضرة حول مخاطر تهديد الأمن الوطني قوبلت باستهجان وسخرية الحاضرين، ووسط اللغط وبروز التساؤلات والاعتراضات، قال احد الحاضرين مخاطبا مغيزل:"عمي مبروك عليك الخيط وبيه نشعل شيب أبو العدو، بس المصيبة الطايحة على روسنا شلون تتصافى العشاير وتبطل سوالفها المابيها خير" فأيّد الحاضرون ما ذكره المتحدث، فأعلن مغيزل أمام الجميع أن محاضرته يوم غد ستتناول تأثير الخلاف الداخلي في تهديد الأمن الوطني.
نص ردن :خيط مغيزل
نشر في: 4 مايو, 2012: 09:06 م