بغداد/ وائل نعمة حبست العصافير والأفاعي والكلاب بعيدا عن سوق الغزل، بعدما قامت القوات الأمنية بغلق معظم الطرق المؤدية إلى الباب الشرقي يوم أمس وأعاق وصول رواد السوق. بعد يوم طويل أيقظ سكان العاصمة التراب النائم منذ ليلة الخميس الفائتة على زجاج النوافذ في المنازل المدفونة بعاصفة حولت لون السماء الأزرق
إلى برتقالي، ودفعوا الغبار عن ممرات البيوت، ومحا السائقون كتابات الأطفال عن زجاج السيارات "اغسلني أرجوك". الجمعة صار يوما "منحوسا"، فقبل سنوات كانت الأسواق تختفي عند الظهيرة بسبب حظر التجوال في الساعة الثانية عشرة ظهرا، واليوم عادت الأسواق والشوارع حبيسة الإجراءات الأمنية "غير المبررة" كما يصفها سكان العاصمة، ويُفاجأ المارة بقطع الطرق بشكل مفاجئ، وتصبح بغداد الفارغة يوم الجمعة أكثر ازدحاما "لم تعد الجمعة كما كانت في السابق" كما يقول بائع متجول في ساحة التحرير، ويضيف "قطع الشوارع غير المعلن يجعلنا عدائين محترفين".ويسير معظم العاملين يوم الجمعة لمسافات طويلة حتى يصلوا إلى مكانهم المنشود، يشير عادل حاتم/موظف في احد الشركات الأهلية التي تستمر في العمل يوم الجمعة "سرت لمسافة 10 كيلومترات حتى أصل إلى عملي في السعدون".القطع كان يوم أمس قد شمل معظم الجسور الرابطة بين الكرخ والرصافة، واقتصر التنقل بين طرفي العاصمة على جسرين فقط "الجادرية والجمهورية" والأخير يغلق ويفتح بين ساعة وأخرى. أهالي بغداد يتوقعون أن أسباب قطع الشوارع تعود إلى التظاهرات التي تجري في ساحة التحرير، ولكن مؤخرا وكما يقول سلام حمزة، صاحب متجر لبيع الكهربائيات في الباب الشرقي منعت الجهات الأمنية التظاهرات الشعبية واقتصرت على بعض العناصر المأجورة التي تدفعها الحكومة وبعض الجهات الموالية لها، وهي تدعم المطالبات الرسمية". ويتابع "أحيانا تنتشر القوات التي تحمل العصي والواقيات الزجاجية بأعداد هائلة وتحيط الساحة من دون أيّ مبرر، فالساحة خالية من أي متظاهر والشارع مقطوع"!. كما وحولت القوات الامنية ساحة الفردوس –حسب شهود عيان - التي كان يتوقع لها بعد الإطاحة بتمثال صدام في 9-4 أن تتحول إلى مايشبه "الهايدبارك" على غرار ما موجود في بريطانيا إلى "سكلة بناء"، فالرمل والحصو والبلاطات الرخامية قلعت من حول الساحة الفارغة من رمز يتوسطها، بعدما كان آخر تمثال مصنوع من مادة رديئة قد أزيل قبل أكثر من عام.. "مصائب قوم عن قوم فوائد"، كما يشير ليث محمود وهو يركب "الستوتة" وهي دراجة نارية تجر وراءها مقطورة تتسع لستة أشخاص، وتنقل الركاب عادة من ساحة الوثبة إلى الطيران، ويضيف "اضطررنا إلى ترك الكيا التي كنا نستقلها وعبرنا جسر الشهداء مشيا على الأقدام، والجهة الأخرى من الرصافة لا توجد فيها سيارات غير الستوتة".السائرون في يوم الجمعة يشتركون في "هم المشي"، ولا يقتصر على سكان وسط العاصمة، فالبعض لجأ الى طرق بديلة بعدما أغلقت المناطق بوجههم. عيسى محمد المتعب من السير يقول إنه ترك الاعظمية لأنها مغلقة بالكامل وتوجه الى باب المعظم، والأخيرة كانت مغلقة عند ساحة الطلائع، ويضيف "اضطررت إلى المشي لقطع الجسر الرابط بين الطلائع وباب المعظم واستمر السير إلى السعدون لأني لم أجد سيارات تقلني إلى هناك".
سكان العاصمة: نسير الجمعة لقطع الشوارع.. و"الستوتة" تنقذ الموقف
نشر في: 4 مايو, 2012: 10:44 م