د. طالب مهدي الخفاجيظن الكثيرون بأن الأدب العربي خلو من الأساطير وأن عربية حقيقية من الخرافات وقد أكد المشرق (لامانس) عدم وجود ميثولوجيا اليونانية وقال (شايلا) إلى قرب من هذا الظن مؤكداً أن كلمة أساطير لم ترد غير القرآن الكريم . ولم تستخدم إلا في معنى الاسطورة . فهي حكاية الأزمنة الخرافية والبطولية وهي حكاية وهمية في اسلوب مجازي ، تبسط معارف تاريخية وجسدية وفلسفية عامة وهي التاريخ في صورة تنكرية وهي "فكرية بدوية تاريخية صيفت بصيفة الأطباب والمفالات لإظهار أهمية الحادثة الحقيقية في جيل زال أثره من ذهن الناس" .
هذه التعريفات المختلفة تشترك في أمرين هما: أن الاسطورة "أولاً : حكاية وأنها ثانية تتحدث في عالم وهمي يرمز إلى أشياء وأحداث حقيقية كن محلافو أو مضخمية ، وانطلاقاً من هذا الاستنتاج ، ومما نعرفه من أساطير يتضح لنا أن الاسطورة كالشعر السوريالي نوع من التعبير عن أحلام الشعوب وعقولهم . فالعقل الباطن يتمثل أكثر ما يتمثل في عالم الأشباح وتفر منه الأنا من قيد الواقع وتنتظمه حبكة قصصية مشوقة . والاسطورة عند الباحث (وليم رايتر) أنها نسق الخيال الذي يستطيع وبشكل مستقل عن الصيغة العلمية للافتراض الذي قد نشكل أساسه (وليم رايتر) ، الاسطورة والأدب / ترجمة صبار سعدون / بغداد ـ 1992 ، ص19). وخلاصة القول أن العلماء ذهبوا مذاهب شتى فمنهم من رأى في الاسطورة حكايات القدماء في الدين مثل ، (روينوفانيس) ، ورأي سقراط أن صفات الآلهة يمكن اكتشافها من تحليل الأصنام . ومنهم من ذهب إلى استنباط فلسفة ا\لولين منها مثل (تياجنسن) الذي سلك مسلك أصحاب التشبيه والمجاز (عبد المعيد خان) الأساطير والخرافات عند العرب (بيروت ـ 1981، ص16) . أن مصطلح الاسطورة لا يزال يدور حوله الجدل . جاء ذلك في كتاب (الاسطورة والنظريات الميثولوجية في الغرب "ليس هناك من تعريف حرضٍ واحد للاسطورة ، نظراً لكون الأساطير تخدم أغراضاً مختلفة كثيرة . وكان الغرض الأول تفسير ما هو غير قابل للتفسير . فمنذ بداية وجود الجنس البشري عملت الأساطير لتكون تبريرات لغوامض الحياة الأساسية ، أسئلة من قبيل ، من صنع العالم؟ كيف سينتهي؟ من أين جئنا؟ من كان أول إنسان؟ ما الذي يحدث حين نموت؟ لماذا تنتقل الشمس عبر السماء كل يوم ؟ لماذا يكبر القمر ويتضاءل؟ ... في غياب المعلومات العلمية من أي نوع ابتكرت مجتمعات الزمن الغابر في جميع أنحاء العالم ، أساطير الخلق أو أساطير الانبعاث والأنظمة المعقدة لكانت فوق طبيعية لكل منها قوى معينة وقصص حول أفعالها . وبما أن الناس كانوا في الغالب معزولين بعضهم عن بعض . فإن معظم الأساطير نشأت على نحو مستقل غير أن الأساطير المتنوعة متماثلة بصورة مدهشة خاصة أساطير الخلق. وهكذا كانت الحاجة إلى الاسطورة حاجة عالمية أو شاملة ، وبمرور الزمن ستصبح رواية واحدة لاسطورة من الأساطير ، المعيار المقبول الذي انحدر إلى أجيال لاحقة أولاً من خلال القص ومن ثم فيما بعد كثيراً . وضع ذلك في شكل مكتوب . وكان من المحتم أن تصبح الأساطير جزءاً من أنظمة الدين ودمجت بالشعائر والاحتفالات الدينية التي كانت تتضمن الموسيقى في الرقص والسحر. والوظيفة الثانية للاسطورة هي تبرير نظام اجتماعي قائم ، وتفسير طقوسه وتقاليده ، وإحدى القواعد الثابتة للميثولوجيا أو علم الأساطير . أن كل ما يحدث بين الآلهة يعكس الأحداث على الأرض . وبهذه الطريقة فإن أحداثاً مثل الغزوات والتغيرات الاجتماعية الأساسية أصبحت مندمجة في الأساطير . كما أن بعض الأساطير خاصة تلك التي من الإغريق والرومان وفترات القرون الوسطى ، وتقوم بدور إيضاح المبادئ الأخلاقية بالأمثلة وبشكل متكرر من خلال الأعمال البطولية التي يقوم بها البشر الفانون . وقد استخدمت الأسطورة لإغناء الأدب منذ أخيلوس واستخدمها بعض الشعراء الإنكليز الكبار ، أن العلاقة بين الاسطورة والأدب علاقة متينة . وجاءت الإشارة إلى كتاب الاسطورة والنظريات الميثولوجية إذ جاء فيه : وقد استخدمت الأسطورة لإغناء الأدب منذ زمن أخيلوس واستخدمها بعض الشعراء الإنكليز الكبار (ملتون ، شلي ، كيتس على سبيل المثال) وأنشأت بعض الشخصيات الأدبية الكبيرة مثل وليام بليك ، وجيمس جويس وكافكا ، ويتس ، و.ت/س ، اليوت ، ووالاس ، واستفنن ، عن وعي ، أساطير شخصية مستعملين في ذلك المواد القديمة ورموز منشأة على وعي جديد . لقد اجتذت أدب القرون الوسطى اهتمام المذهب النقدي المستند إلى الأسطورة ـ الشعيرة وخاصة سلسلة المائدة المستديرة المندمجة بالأدب والموروث الميثولوجي (السيلتي / Celtie) بين المؤلفين الآخرين الذين يحظون باهتمام خاص هناك هـ . ميلفل ، كونه مؤلف رواية (موبي ديك) فضلاً عن (د. ديفو) (س.ت . كوليردج) كيتس ، وأتنسون / و.ن هاردي ، و.ن هاوثورن ، و/ز ثورد / وا.س كريم و.ف.و.ج كوزاد حتى ستندال وأميل زولاد . ففي أعمال هؤلاء المؤلفين الموضوعات ميثولوجية شعورية ولا شعوربة ورموز واستعارات . وهناك بالطبع نماذج شعائرية معينة يعاد خلقها على الدوام في الأدب وعلى الأخص أمثلة طقوسية . ويفترض أنها متأصلة في النموذج البدني السايكولوجي الباطني للموت والبعث (فرانك / الأسطورة والنظريات الميثولوجية في الغرب) (بغداد ـ 2005 ، ص 75) . لقد شهد القرن العشرون اتساعاً في الأسطورة إلى ما وراء الأدب والنقد الأدبي . فتجد أن مفهوم الأسطورة يتضمن في بعض الأحيان ايديول
وظيفة الإسطورة..عندما تبرر نظاما اجتماعيا قائما
نشر في: 5 مايو, 2012: 08:06 م