اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > قصص المتشرّدين: صدام حقن معارضيه بعقاقير حوّلتهم إلى مجانين

قصص المتشرّدين: صدام حقن معارضيه بعقاقير حوّلتهم إلى مجانين

نشر في: 5 مايو, 2012: 08:16 م

 بغداد/ وائل نعمة.. عدسة محمود رؤوفأشكال مخيفة، بملابس رثة، أحدهم يشبه كيساً متنقلاً لمادة "الاستمبر" الصفراء التي يطلى بها الخشب، يسير بين السيارات في منطقة النهضة ، يرعب النساء بمظهره الذي لا يشبه سكان الأرض، عادة ما يكون من دون ملابس ما يحرج الكثيرين عندما يقترب منهم ويتحدث بلغة "مريخية"،
وتركض بعض النسوة هرباً منه ومن كلماته النابية.. انه متشرد من ضمن العشرات ممن يجوبون شوارع بغداد وتحوم حولهم مجموعة من القصص الغامضة التي غالبا ما يكون فيها جزء من الخيال والملاحم الأسطورية.أصوات شخير تعلو من بعيد، عتمة الطريق منعتني من مشاهدة الشخص الذي يطلق هذا الصوت، اقتربت أكثر، الصوت يزداد شدة، حتى اصطدمت قدمي بشيء على الأرض، سحبتها مفزوعا، لأني فوجئت بأن ما صدمته كان طريا، وحين رجعت خطوتين إلى الوراء وتحققت بصعوبة في شدة الظلام الحالك ،اكتشفت أني قد صدمت رجلا متمددا في وسط الرصيف.rnماذا بعد الغروب؟ العودة من سهرة مع الأصدقاء في احد مقاهي السعدون ، تجعلك تمر بـ"درابين" ضيقة وشوارع منطقة البتاوين الفرعية التي ما ان تخترقها حتى تصل الى شارع النضال وبها تكون قد اختصرت مسافة وزمنا، أنت في أمس الحاجة إليهما مع تسارع الوقت وازدياد الظلام.عادة ما تكون هذه الأزقة او البعض منها خالية من مصباح كهرباء ، وتضطر الى أن تسير على ضوء القمر او أنوار خجولة كسرت حاجز الستارة العتيقة من احد المنازل المتهالكة وقد توحي هذه الصورة باستعادة أبيات شعرية عن الليل والدندنة بأغنية وديع الصافي "الليل يا ليلى"، غير ان الحفر والمياه الآسنة التي تملأ هذه الشوارع تجعلك تخرج من جو الغناء والشعر الى السؤال عن متى تنتهي مشكلتنا مع النفايات والمجاري؟ ومع المطبات والمياه الآسنة. لا تستغرب إذا تفاجأت بأحدهم وقد افترش الأرض، وغط في نوم عميق.... يفزعك المنظر وأنت تشاهده مع بزوغ الفجر وهو ممدد على الأرض بملابس رثة وقذرة وشعر طويل وذقن أطول، ويحوم حوله الذباب وكأنه صيد ثمين، وبارتفاع أصوات حركة الناس في الشارع وتزايد السيارات ومنبهاتها التي توقظ القتيل، لا يصحو إلا بعد أن يتلقى عدداً من الركلات من قبل "ابو حسن" الرجل الضخم صاحب الدشداشة الرمادية والصوت الأجش، حين يصرخ به " كووم ...خلصت فلوسك".أبو حسن، رجل في الخمسينيات  من عمره، يملك بسطية في بداية شارع السعدون، يضع فوقها أشياء مختلفة كلها تباع بـ(ربع ) 250 دينار، ما يعكر مزاجه صباح كل يوم بالإضافة الى الزحامات وأصوات صفير سيارات الشرطة، إصرار (خضير) الرجل المتشرد على اتخاذ مكان بسطيته فراشاً له بعد أن يجمع البائع أغراضه من على (الجنبر) ويغادر بها إلى المنزل، يجعل صاحب البسطية مضطرا لأن يصرخ به كل يوم لكي يتحرك بعيدا عن مكانه الذي انتزعه من بين أسنان منافسيه في العمل، وان لم يستجب "المجنون " للنداءات العالية، تبدأ الخطوة الثانية، بتوجيه ركلات متتالية على ظهره.حين تقترب... من خضير، في محاولة للتحدث معه، تجبرك رائحته الكريهة على إعادة التفكير في مدى نجاح هذه المحاولة، ولكن البحث عن أسباب لجوء هذا الشخص إلى الشارع ومبيته هناك لن يدعك تفكر بالتردد وإنما تندفع لتبحث عن قصته. خضير لا يعرف لون بشرته الحقيقية وكذا الناظر إليه لا يمكنه التمييز بينها الا بعد تمعن فهل هو اسود البشرة أم ابيض ، ربما  اكتسب هذا السواد من خلال العيش بين الازبال وبقايا الطعام التي يتغذى عليها، غير أن الغريب سماعك الكلمات البليغة وقصائد الشعر تنساب بيسر وطلاقة من بين شفتيه المزرقتين بشكل عذب، فتسمعه ينشد أبياتا من شعر الرصافي والسياب والجواهري وأغاني عبد الحليم ، ويعلق ساخرا ببعض كلمات الأغاني العراقية الجديدة "الدفان ، واللوكلوك"، ثم تفلت الأمور من زمامها ويبدأ بسرد كلام غير مترابط وغير مفهوم ينطوي على الكثير من الشتائم إلى شخصيات من أزلام النظام السابق. وبالحديث مع أصحاب البسطيات التي يجلس خضير بالقرب منهم، يتحدث ابو حسن، مشيرا الى أن المتشرد  نراه" منذ أربع سنوات في المكان نفسه لا يبارحه إلا قليلا، حيث يختفي أحيانا ليأتي محملا بأغراض غريبة، معظمها يلتقطها من الازبال ويضعها في كيس قذر".ويؤكد أبو حسن "نسمع أحيانا من أشخاص يدعون بأنهم يعرفونه بأنه كان مدرساً للغة العربية في إحدى المحافظات الجنوبية، وسلاطة لسانه جلبت عليه الويلات"، حيث يعتقد ابو حسن وحسب كلام أشخاص لهم معرفة بالمتشرد "انه كان ينتقد النظام السابق ويتحدث بين الأساتذة والطلاب من دون تردد، والنتيجة كانت معروفة"! حيث تبرع احدهم من المولعين بالتزلف والنفاق إلى البعثيين بكتابة تقرير مفصل عن انتقادات ناهي وكيف يشتم ويسب النظام الدكتاتوري وكيف تجرأ على شتم وسب "القائد" ، حينها  وكما هو معروف جاء عناصر الأمن الصدامية واقتادوه إلى احد معتقلاتهم ليخرج بعد أكثر من سنتين على هذه الصورة والحالة المزرية التي نشاهده فيها وبالتأكيد أن ما حصل له كان من جراء التعذيب! فيما يؤكد آخر "لا نعلم إن كان خضير اسمه الحقيقي أم هو اسم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram