طارق الجبوري أجد نفسي مجبراً على الكتابة مرة أخرى، من باب المسؤولية وليس الإملاء، بعد فترة انقطاع ليست بالقليلة وفي أعقاب سلسلة المواقف الواضحة التي أعلنها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني سواء في ما ترجمته اجتماعات أربيل الخماسية،
أو ما عبرت عنه كلمة بارزاني خلال حضوره فعاليات مؤتمر التجمع العربي الأول لنصرة القضية الكردية عندما خاطب المؤتمرين قائلاً " أنتم اليوم تتصدون لهجمة شرسة ويبدو أن مأساة الشعب الكردي غير مفهومة للشعب العربي..". لن نعلق أكثر على ما قاله رئيس الإقليم لكي لا يقال إننا منحازون، فالكلمات تفصح عن نفسها وما تلاها من تأكيدات بشأن الموقف الكردستاني المبني على التسامح بعيداً عن روح الانتقام واضحة، وحسبنا أنها عززت ما كنا ندعو له دائماً من ضرورة فهم الظروف الصعبة التي مر بها الكرد طيلة السنوات الماضية للحكم على مواقفهم بعيداً عن الانفعال والتحسس، لكي نتوصل جميعاً عرباً وكرداً وتركماناً.. مسلمين ومسيحيين وغيرهم من نسيج المجتمع العراقي، إلى قيم ومفاهيم ترسخ روح التعايش بين هذه المكونات وتبعد شبح الخوف من الاضطهاد. ربما يكون المؤتمر فرصة لتوضيح حقائق حاولنا تجنب الخوض فيها بصراحة وصدق، فبقيت كنار تحت رماد مهيأة للاشتعال من قبل أطراف هنا وهناك لتتسبب بحرائق يكون المتضرر الأول منها العراقي في أربيل والبصرة والموصل والرمادي وغيرها. ولكي نكون أكثر صراحة فما زال البعض سياسيين ومثقفين، يحمل جزءاً من ثقافة التعصب التي كانت سمة أنظمة الحكم لعقود طويلة وظل يتحمل وزرها كل العراقيين بمختلف مكوناتهم وطوائفهم.. نعم ما زال جزء من أعماقنا، مهما رفعنا من شعارات، يحمل أمراضاً عرضية جراء صراعات المراحل الماضية وثقافاتها، خاصة في ما يتعلق بحقوق المكونات الأخرى. ويتصور البعض أن الحديث عنها غير مناسب وقد يهدد وحدة العراق وتقدمه. لذا يجد أمثالنا عقد مؤتمر لنصرة القضية الكردية مناسبة لتنقية الأجواء وطرد جزء من ملوثات المراحل العصيبة الماضية التي شوهت صورة المواطنة و عرضتها للخطر في أكثر من مناسبة. قراءتنا الأولى للأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن المؤتمر تبشر بالخير وبالحرص على التزام الموضوعية في الطرح سواء من خلال تسليط الضوء على الأخطاء التي ارتكبتها الأنظمة أو الأحزاب إزاء نظرتها إلى القضية الكردية أو حتى برود فعل أو مواقف الإخوة الكرد إزاءها التي قد لا تخلو من سلبيات. ونحن واثقون بأن هذا هو المطلوب في هذه المرحلة وهو ما نحتاج إليه جميعاً لرسم صيغ علاقة تتقبل أي نقد موضوعي وتتعامل معه بعيداً عن روح التعصب الأعمى التي طبعت علاقاتنا وأضرت بمسيرة العراق كثيراً واستنزفت طاقاته بمعارك جانبية كان يمكن تجنبها لو علا صوت العقل والمصلحة العليا. أعود مرة أخرى لأقول إن أجواء المؤتمر دفعتني للكتابة بهذه الصورة خاصة وأن كلمات المؤتمرين قد طرحت إشكالية العلاقة منذ 1920 حتى الآن. نعتقد أن المؤتمر سعى إلى تجسيد صوت الحقيقة المطلوب لرفع الظلم عن الجميع والتطلع إلى بناء عراق ديمقراطي ينعم فيه الجميع بالخير. وتمنياتنا أن يفهم بهذا الشكل وعلى أنه انحياز لكل العراقيين دون استثناء.
كردستانيات: الانحياز.. ومؤتمر نصرة القضية الكردية
نشر في: 5 مايو, 2012: 08:52 م