TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر: نصيحة هندية لقيادة إيرانية

عالم آخر: نصيحة هندية لقيادة إيرانية

نشر في: 5 مايو, 2012: 09:24 م

 سرمد الطائيإيران تستعد لاحتمالات الحرب بأكثر من طريقة، واستعداداتها هذه المرة لا تقتصر على تفاصيل عسكرية ونووية، بل تتضمن مواجهة يخوضها المرشد علي خامنئي ضد متصوفة إيرانيين وفلاسفة هنود وروائيين من البرازيل وصحفيين ساخرين، ورجال دين يحاولون تقديم نسخة معتدلة من الفكر الإسلامي.
فبالتزامن مع إجراءات تحاول التكيف مع العقوبات الدولية التي بدأت تسحق الاقتصاد الإيراني، وأنباء عن "خزن" احتياطي هائل من السلع تجنبا لإجراءات أكثر تشددا، نسمع ان هناك 250 كتابا وضعتها طهران ضمن قائمة "الكتب الضالة" ونشرها موقع "كلمة" المقرب من مير حسين موسوي احد ابرز زعماء التيار الاصلاحي المعارض في ايران والمحتجز في اقامة جبرية في طهران منذ اكثر من عامين.قائمة الحظر هذه يفترض ان ترسل الى معرض طهران للكتاب، وايضا الى المكتبات العامة في ايران، حسب التقرير الخبري الذي نشره الموقع الالكتروني وأرفق صورة من الامر الحكومي سربتها المصادر المعنية تزامنا مع انعقاد معرض الكتاب في العاصمة الايرانية.وقد لا يبدو غريبا منع كتاب لشخصية مثيرة للجدل مثل صادق هدايت الروائي والفيلسوف العدمي الايراني الذي مات منتحرا قبل نصف قرن. كما ليس من المستغرب منع أعمال مؤسس التيار النقدي الجديد في مجال الفكر الديني عبد الكريم سروش حيث تضمنت قائمة المنع 15 عنوانا من مؤلفاته. فقبل 10 اعوام قامت السلطات بإغلاق دار نشر "سراط" العائدة لسروش ومنعته من إلقاء المحاضرات في جامعات بلاده، فانتهز الرجل الفرصة وراح يلقي محاضرات في كل الدنيا عن مولانا جلال الدين الرومي وغزليات حافظ الشيرازي وتراث متصوفة فارس العريق، ويروي خيبة جيله الذي ثار على استبداد الشاه فوقع داخل دوامة الاستبداد الديني.ليس من الغريب ايضا منع كتب الصحفي المعروف بجرأته اكبر كنجي والذي قضى أعواما في سجن ايفين، او الكاتب الساخر ابراهيم نبوي، او الشيخ محسن كديور صاحب الدراسة الاثيرة والشهيرة عن ولاية الفقيه وتاريخها والذي عوقب بالسجن اعواما كذلك. وبنفس المعيار منعت كتب الشيخ محمد مجتهد شبستري الفقيه اللامع وصاحب الآراء الاصيلة في تأويل النص الديني. كما ان المنع طال دور نشر بأكملها مثل منشورات تشاشمة "النبع" والتي وقع اكثر من 150 كاتبا وناشطا داخل ايران بيان استنكار يطالب برفع الحظر عنها.لكن الغريب بالنسبة لي هو حظر اعمال الروائي البرازيلي الحائز على جائزة نوبل باولو كويلو. وكذلك اعمال كريشنا مورتي الفيلسوف الهندي ذائع الصيت والذي يحظى باهتمام كبير من قبل جمهور الغرب والشرق، وهو يتحدث عن الروح وبناء النفس في مواجهة عالم متغير، فيما يصفه بعض مثقفي النظام في طهران بأنه "صانع دين كاذب"!وللحظة، احسب ان الامر "استعداد عادي" لاحتمالات الحرب. ففي سياق قريب من هذا يلفت نظرك خبر مفاده ان الحكومة الايرانية خصصت وفي خطوة نادرة، نحو 30 مليار دولار لشراء حاجات اساسية من اسواق آسيا تقوم بخزنها كاحتياطي سلعي مخافة التعرض الى عقوبات اقتصادية اكبر. اي ان طهران تواجه مخاطر تشديد الخناق، على طريقة القلاع الرومانية القديمة التي تتهيأ لمحاصرة جيوش العدو، بملء صوامعها بالقمح والكثير من الشعير والسمن.سلطان ايران الذي يملأ قلاعه وحصونه بالقمح والسمن، يشتهي في الوقت نفسه ان يفرغ مدنه من "الكتب الضالة" قدر الامكان. فلكي يضمن النصر عليه ان ينجح في تحصين "البطون" بملئها، وتحصين "العقول" بإفراغها، وهي سيرة معروفة لنظم الاستبداد.ولكن عن اي منع نتكلم في القرن 21 ووسط ثورة المعلومات؟ وهنا تبكي على حال المنطقة وبلاويها، وتنبش في محرك البحث لتتحرى اعمال كريشنا مورتي الفيلسوف الهندي الراحل الذي منعت طهران كتبه، فتجده يتحدث في نص عنوانه "ابق بعيدا"، وكأنه يوجه الكلام الى سلطان ايراني يحتاط للبطون بخزن القمح، ويحتاط للعقول بمنع الكتب. مورتي يقول: "لا تغلق الباب، إذ لا يوجد باب أصلا. بل ممرٌّ مفتوح لا نهاية له. إذا أغلقتَ أي باب سيكونون قريبين جدًّا منك، وإذ ذاك فأنت ضائع". ويبدو ان الممر مفتوح حقا، لكننا نضيع بلا نهاية يا مورتي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إيران: لن نسمح بتكرار أحداث سوريا والمسلحون لن يحققوا أي انتصار

المخابرات الفرنسية تحذر من نووي إيران: التهديد الأخطر على الإطلاق

نعيم قاسم: انتصارنا اليوم يفوق انتصار 2006

نائب لـ(المدى): "سرقة القرن" جريمة ولم تكن تحدث لو لا تسهيلات متنفذين بالسلطة

هزة أرضية تضرب الحدود العراقية – الأيرانية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram