TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > آلاف السنين من حكم الرجل تكفي!

آلاف السنين من حكم الرجل تكفي!

نشر في: 6 مايو, 2012: 07:41 م

(1 -2)أ د. نجم عبد الله كاظمقد يبدو الموضوع، من عنوانه أو مع البدء بقراءته، غريباً وربما يرسم ابتسامة على ثغر البعض، أو يثير السخرية أو حتى الاستهجان عند البعض الآخر، وقد يظن بعض آخر أنه طُرفة أو مزحة. ولكني أصرّح، ومن البداية، بأني جاد في ما أذهب إليه، مع أنه سيمثل،
في كل الأحوال، وجهة نظر تتقبل الاتفاق والاختلاف، ولنكن متقبلين للرأي والرأي الآخر، ولنتأمل هذا الرأي الآخر حتى وإن بدا للبعض أو في زمن بعينه غريباً أو غير مألوف أو غير مستساغ.(1)معروف، في بلدان العالم الديمقراطي، الذي صرنا، كما لم نكن من قبل ولا عجب في هذا، شديدي الإعجاب به، أن الحاكم والحكومة لا يأتيان إلا بانتخابات وباختيار الشعب لهما مباشرة. وعادة ما يكون ذلك بعد فشل حاكم أو حكومة سابقة، أو استهلاك سياساتها أو حتى نجاحاتها، بل أنه لا يجوز للرئيس أو رئيس الوزراء، وربما لمن دون ذلك منصباً، حتى حين يكونون ناجحين أحياناً، أن يحكموا أكثر من دورتين أو ثلاث. أي أن تبادل السلطة ديمقراطياً وسلمياً، بكل مستوياتها تقريباً وفي معظم بلدان العالم اليوم، هو المهيمن الأول على الحكم والحكومة وربما الإدارات العليا المختلفة. فاستبدال الفاشل بمن ممكن أن ينجح ضروري، وتجريب الناجح بمن قد يكون أنجح ضروري، وتجديد الدماء ضروري، وفي كل الأحوال أن إعطاء فرصة للآخر ضروري جداً. وفي هذا كانت، للشعوب المتحضرة والديمقراطية، ثماني سنوات أو عشر أو اثنتا عشرة كافية للتجربة في سبيل إثبات النجاح، أو حتى للنجاح حين يتحقق فعلياً. وفي ذلك كله حكمةٌ ورجاحةُ عقلٍ وفكرٍ لا غبار عليه ولا أظنها غائمة أو غير مقنعة إلا لعُبَّاد الحكم والسلطة والمتشبثين حد الالتصاق بكراسي الحكم والمنصب في العالم الثالث ومنه عالمنا العربي.rn(2)انتقالاً إلى موضوعنا، وفي ضوء هذا المنطق العقلاني، ألا يحق لنا أن نقول إن عقوداً من السنين من حكم فئة معينة كافية؟ بالتأكيد، فكيف بحكم آلاف السنين؟ نعم هي آلاف السنين من حكم الرجل، وفوق هذا كله هو حكم ما أثبت نحاجه إلا نادراً. فعدا ذلك ما شهد التاريخ، في ظل حكم الرجل، كمّاً من النجاح في تمثُّل السلام والعدل والإنصاف، إلا بما يعادل نسبة قد لا تتعدى الواحد بالمئة مما شهده من فشل تمثَّلَ في الحروب والصراعات والقمع والعنف والتعذيب والطغيان والظلم. باختصار وبصراحة، أثبت الرجل فشله في الحكم بامتياز.إذن ألا يحق القول إننا بحاجة إلى النظر في إمكانية استبدال حزب الرجل في الحكم، وقد فشل فشلاً ذريعاً؟ نعتقد أن في ذلك الكثير الحقَّ أو على الأقل العذر، وسهلٌ عليه استحضار تاريخ هذا (الحزب). بل حتى إن كنّا متعاطفين مع الرجل فإننا سنقول إنه قد مرّ بفترات فشل ليست قليلة، وعليه فمن المنطقي أن يأتي البديل، وهل البديل للرجل إلا المرأة؟ وحتى إنْ افترضنا أن الرجل قد نجح بشكل معقول في الحكم، أليس من المنطقي أن نجرب الآخر الذي قد يكون أكثر نجاحاً منه؟ وإذا ما تكرر القول على ألسنة الشعوب بأن عشر سنوات وخمس عشرة سنة وعشرين سنة ودورة حكم أو دورتين من حكم التيار أو الحزب أو الحاكم الفلاني يكفي، ألا يكون منطقياً أن نقول إن آلاف السنين من حكم الرجل تكفي؟ ولنتبنى، بضعَ عشرات من السنين، بديلاً عما تبنته البشرية، بحكم سيطرة نصفها عليها، آلاف السنين من رأي قائم على أساس أن الرجل متفوق على المرأة. هنا أتذكر أن بعض متنوّري الستينات والسبعينات، وحين بدأتْ المرأة في مجتمعنا تفرض نفسها، كان يتبنى رأياً قد يحمل ظاهرياً شيئاً من التناقض، وما هو كذلك حقيقةً، ويتلخص في أن نسبة المتفوقين من عموم الرجال هو أكثر من نسبة المتفوقات من عموم النساء، وتبعاً لذلك كان صعباً غالباً أن تتفوق المرأة على الرجل بشكل عام، وما يخرج عن ذلك يقترب من الاستثناء. ولكنّ هذا لم يكن ليجعل هؤلاء المتنورين يقولون بالتمييز بين الجنسين وبمصادرة حرية المرأة ورغبتها لإثبات العكس. بمعنى أنْ تتبنى هكذا رأياً يقول بتفوق ما وبدرجة أو بأخرى للرجل على المرأة يجب أن لا يعطينا الحق في أن نترجم هذا الرأي بمصادرةٍ وبتطبيقٍ قمعي للتفرقة والتمييز الاجتماعيين، لأنه كان من الصعب أن يُثبت بشكل قاطع وحاسم أنّ هذا الذي يراه هؤلاء هو صحيح بشكل لا يطوله الشك. وعليه يجب القبول بالمساواة بل فرضها على المجتمع ليتاح للمرأة أن تكون كما تريد هي، أو تخفق فتبقى كما (يريد) أو يعتقد البعض في صورتها النمطية التي صارت مسلّمة.أما الادعاء، وبعيداً عن السياسة والحكم، بأن التاريخ الطويل قد أفرز دوماً تفوقاً للرجل على المرأة، مما تقر به النظرة الإحصائية التي ما خرج عن حصيلتها مرة أخرى إلا الاستثناء، فإن رده أبسط من أن يصمد أمام الجدل، وهو تحديداً ما تبنته وتتبناه غالبية الحركات النسوية والفكر الأنثوي في العالم. وهو أن إخفاق المرأة وانحسار دورها مقارنةً بالرجل وظهورها غالباً، وفي عموم حقول المعرفة والممارسة، دون الرجل إنما هو حصيلة التراكمات التاريخية لتأثيرات ونتائج النظرة النمطية والتفرقة والتمييز والتربية الباترياريكية/الأبوية التي امتدت آلاف السنين. وحتى تطبيق الرأي السابق القائل بإعطاء المرأة الفرصة، وهو ما يُطبّق فعلاً في بلدان العالم المتقدم ولم يعط

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram