حاوره :يوسف المحمداويروح الدعابة ملازمة لتواضعه وأدبه الجم، ضحكته أنارت الحوار، وألغت الملل بين سطور الأسئلة والأجوبة، خلع الجبة والعمامة ليرتدي زي الأفندي العراقي، إنه الباحث والسياسي ورجل الدين والشاعر اللبناني هاني فحص، صاحب العديد من المؤلفات منها ماضي لا يمضي ،
ذكريات ومكونات عراقية، خطاب القلب، أوراق من دفتر الولد العاملي، ملاحظات في المنهج، المسرح، وغيرها من المؤلفات الفكرية والأدبية. أكد لـ"لمدى" في حوار موسع معها انه يخشى على العمامة من أن تكون في مكان لا يناسبها ، مشددا على ضرورة فصل الدين عن السياسة، لأن التجارب أثبتت ان زج الدين في السياسة هو عملية قتل للدولة وللدين أيضا، مبينا انه لا يتحرج من سماع الأغاني العراقية وخاصة المقام منها، وفي الحوار محاور أخرى، وفي ما يأتي نصه.rnمدني بسدارة عراقية*اليوم نراك خارج الشكل المعتاد الذي نرى فيه هاني فحص، هل هو هروب من الجبة والعمامة، أم ماذا؟- ستظهر صورتي معك بلباس مدني وسدارة عراقية، يعني أفندي بسدارة، وأنا أريد من خلال هذه الصورة أن يحضر المعنى العراقي، وكذلك المعنى المدني، وهذا لا يعني تخلصا أو هروبا من المعنى الديني، بل أريد أن أرى الديني في المدني، والمدني في الديني ، من دون الوقوف على الشكل ، فمثل ما أحب هذا الزي أنا ايضا أحب العمامة جدا والجبة واحترمها وأخاف عليها جدا، وأخشى عليها احيانا أن تكون في مكان لا يناسبها ، وأنا لدي قضية مهمة مع العمامة، وهي أني أراها ذات دلالة كبيرة معرفية وأخلاقية في تاريخنا العربي والأدبي، دعنا من أصوات التشويش في التأريخ ، دعنا من الشوك والعاقول والحنظل والدغل، فتأريخنا فيه الورد الرازقي والقداح، وفيه رطب برحي، وحتى تمر الزهدي طيب ، فالزهدي عظيم لأنه يشبع الفقراء، وهو غال على الرغم من رخص ثمنه.* اعتقد أنك تريد أن تصنف العمامة إلى صنفين أحدهما من الورد والآخر من الشوك؟- لا أريد أن ادخل في مثل هذا التفصيل، فكل تاريخ وكل صنف من الأصناف وكل فئة من الفئات فيها تعدد، وأحيانا تكون الغلبة للجمال والخير والعلم، وأحيانا اخرى تكون للجهل، وكما تعلم ويعلم الآخر أن هناك صراعا إنسانيا بين السلوك المستقيم والآخر المتعرج.المهم للعمامة عندي رمزيّة كبيرة، وحتى لو ظهرت صورتي من دونها، فهي في قلبي، وكنت أتمنى ان أكون في قلبها، هي في قلبي بما تعمل وليس بما تكسب.rnسلطة الشيخ لا أريدها* تحبها وتضعها في قلبك لأنها منحتك سلطة الشيخ مثلا؟- أبدا، هي في قلبي لا بالسلطة التي تمنحني إياها، أنا حتى سلطة الشيخ لا أريدها، كنتُ رجل دين وبإيمان قوي ، وأسعى يوميا للذهاب إلى قرية في الجنوب اللبناني وأتماثل بقوة مع تلك القرية، كنت أمد يدي على جيوبهم، وعلى قلوبهم ومواجعهم وأحلامهم وبيوتهم ولغتهم، وكانت تجري بيني وبين أهل القرية حوارات حتى في التعليم الديني، وحتى حين عملت في مجالي الأدب والفكر الحديث ، كنت أخاطبهم بالعامية ولم آتِ بخطابي من الخارج، وما كنت فقط في السلطة وإنما كنت أسعى لعمل شراكة في ما بيننا، فإذا رغبت في تعليمهم الصلاة، اذهب إلى الحسينية واطلب من احدهم أن يتوضأ أمامهم، ولطالما حدث شجار بينهم حول كيفية الوضوء والصلاة، وبعد نهاية كل شجار أكون أنا الحكم في ما بينهم.rnالصلاة مع التين والزيتون* الحَكَم هو من أشعل شرارة الشجار؟- لا، أنا اعمل ذلك من اجل أن يميزوا الصحيح من الخطأ في الوضوء والصلاة وبقية فرائض الدين، وفي لحظة من اللحظات تذكرت حكاية عن رجل دين قام بالعزوف عن صلاة الجماعة، وعزا الرجل أسباب ذلك الى انه في يوم من الأيام، حين كان يصلي بالناس جماعة، التفت إلى الوراء ليرى ويفتخر بعدد المصلين خلفه، قال شعرت لحظتها بأن الغرور قد أصابني وهو من دفعني للالتفات أثناء الصلاة، لذلك تركت صلاة الجماعة لأؤهل نفسي من جديد حتى لا اكرر فعلتي وابعد نفسي عن الانتهازية، وأنا كذلك وجدت نفسي في يوم من الأيام اهرب من حسينية الضيعة، وأنا في طريقي للجبل لحِق بي احد وجهاء القرية، وقال لي إلى أين ذاهب فالناس بانتظارك؟ فقلت له من اليوم لن أصلي معكم، فأنا اليوم متفرغ لأصلي مع شجرات العنب والتين والزيتون وبطلت الصلاة معكم، لأنه بطبيعتي اكره الرسميات والروتين وأكره الفصل بين الشيخ والجماعة.rnزراعة التبغ والزيتون* من ضيعة "جب شيت" وهي مهد الولادة في الجنوب اللبناني إلى الحوزة العلمية في النجف الأشرف، ما هي أهم محطات تلك الرحلة الطويلة؟- ولدت عام 1946 في ضيعة تسمى "جب شيت" والجب بالعربية هو البئر ، وكان اسمها في السابق كفر عين لكنها اندثرت وتحولت إلى قرية جب شيت التي كان فيها قبر يعود للنبي شيت كما يقال، وكانت مقرا إداريا وماليا للحملة الفرعونية، والضيعة في الجنوب اللبناني، وهي مشهورة بزراعة التبغ، وأيضا بزراعة جميع أنواع النصب وهي الشتول، كالعنب والزيتون والورود بأنواعها، وجميع الأنواع الغربية والشرقية من الشتول.ولدت في غرفة من الطين* وهل لا يزال بيت العائلة هناك؟- نعم. لا يزال ومنذ 60 عاما قام بتعميره والدي وهو موجود هناك، ولدت في غرفة من الطين لا يملكها والدي وإنما تعود لإحدى عوائل القرية، لأن وا
هاني فحص لـ"المدى": زجّ الدين في السياسة عملية قتل للدولة
نشر في: 7 مايو, 2012: 07:58 م