هاشم العقابيلم يؤرقني قرار حكومي مر بتاريخ العراق مثل الذي خرج به ناطق حكومتنا مؤخرا يعطي به الحق لكل بيت عراقي ان يمتلك بندقية. قرار صريح لا يقبل التأويل في أننا نعيش عصر "اللا دولة" بكل ما يحمله غياب الدولة من معنى.
ولا أظن إني سآتي بجديد لو سطرت ألف نص يؤكد على أن من أولى أساسيات بناء أيّ دولة هو إنها يجب أن تحتكر السلاح ومن ثم العنف لنفسها. مع هذا سأكتفي هنا فقط بقول مختصر للكاتب المصري علي سالم أضعه أمام أنظار "أولي الأمر" لعلهم يفقهون: "الدولة هي المحتكر الوحيد للعنف، هذه هي القاعدة التي لا تنازل عنها ولا فصال فيها إذ بغيرها تنهار الدولة أو تكون عرضة للانهيار أو في طريقها فعلا إلى الفوضى التي لا يحكمها حاكم أو يربطها رابط".حين نظرت بوجه الناطق وهو "يبشرنا" بقرار حكومته تحول العراق كله أمامي إلى خارطة وقد رشها ببرميل بنزين تاركا البلد تحت رحمة ارعن أو متخلف أو طائفي جاهل قد يرمي بعود ثقاب في أي لحظة ليحرق البلد ويحوله إلى رماد. يا لها من حكومة لا تخاف ولا تستحي وهي تعلن تحويل العراق إلى غابة مزروعة بالرصاص والبارود. حماك الله من نيرون يا عراق.هرعت صباحا اقلب الأخبار في كل المصادر لأرى ما الذي سيقوله نوابنا. تصورتهم سيزحفون مع أول إطلالة للفجر للتصويت على سحب الثقة من هذه الحكومة التي فقدت صوابها بالكامل. ليس مخطئا فقط من يسكت على هذا القرار الذي يضع العراق على شفا حفرة من الحرب الأهلية، بل هو مساهم فيه، مهما كان هذا الساكت، سياسيا أو مثقفا أو رجل دين أو حتى بائع خضار. ولأن القرار جعل كل عراقي عرضة للقتل "المشروع"، فلا يلام أيٌّ منا لو فسر أسبابه. واضح بالنسبة لي انه ردة فعل "فاشية" على سعي بعض الأطراف السياسية لسحب الثقة من الحكومة. فمثلما فعل صدام حين أطلق سراح المجرمين يوم شعر بقرب اجل دكتاتوريته ليحرق العراق من بعده، أرى أن الحكومة تحذو حذوه لتجعلها "علي وعلى أعدائي يا رب".إنها لحظة امتحان حقيقية لقياس حرص مجلس النواب على العراق. وسوف لن يغفر التاريخ لهذا المجلس خنوعه للسلطة التنفيذية إلا إذا سعى على الفور لسحب الثقة من الحكومة ورئيسها وإحالة كل من فكر وصوت على هذا القرار إلى المحكمة الجنائية العليا.وعلى منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان أن تتجه إلى الأمم المتحدة لحماية البلد من كارثة هي أم الكوارث. فالعراق ما زال تحت البند السابع ومن حق الأمم المتحدة أن تحل الحكومة وتأمر بإنشاء حكومة إنقاذ وطني بدلها. فلعل في ضارة البند السابع هذه النافعة. أما اذا مر القرار وبقيت هذه الحكومة، فاني أرى في الافق لوائح نار مشتعلة تلتهم الارض ودخانا اسود مضمخا برائحة الدم والبارود يلف سماء العراق. وهناك على تل بعيد يلوح لي ائتلاف دولة القانون رافعين صورة رئيسهم يتقدمهم عزة الشابندر مهوسا: "شك ما يتخيط شكينه".
سلاما ياعراق : اذهبوا إليه انه طغى
نشر في: 7 مايو, 2012: 08:12 م