اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > استقلالية البنك المركزي العراقي بين المبرّرات الاقتصادية والتشريع

استقلالية البنك المركزي العراقي بين المبرّرات الاقتصادية والتشريع

نشر في: 8 مايو, 2012: 07:56 م

موفق حسن محمود لعل من أهم القوانين التي شرعها المدير الإداري لسلطة التحالف المؤقتة بول بريمر في إطار تنظيم الحياة المالية والاقتصادية للعراق هما قانون البنك المركزي العراقي رقم (56) لسنة 2004 وقانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004.
وما يهمنا ونتناوله هنا هو قانون البنك المركزي العراقي الذي نرى انه جاء وفقا لأسس اقتصادية ومالية رصينة أخذت بها معظم الدول المتقدمة منها والنامية وهي ضرورة جعل السياسة النقدية مستقلة عن السياسة المالية وبالتالي عن ضغوطات السلطة التنفيذية وذلك إدراكا لحقيقة أن لكل من السياستين أولوياتها ووجهة نظرها ولا نقول تناقضاتهما أو تعارضهما إذ الأصل أن تصب السياستان معا في بوتقة واحدة وهي التطور الاقتصادي وتوفير ظروف التنمية المستدامة والاستقرار النقدي والحفاظ على استقرار  أسعار الصرف وتجنب مخاطر التضخم التي إذا استفحلت فقد تطيح بالسياسات الاقتصادية عموما.فللسياسة المالية أولوياتها من حيث التوسع في مستويات وأوجه الإنفاق العام لاعتبارات قد يكون في طليعتها عوامل سياسية في وقت تتراجع فيه المعايير الاقتصادية إلى الخلف، وليس من شك أن يكون لهذه السياسة المالية التوسعية آثار سلبية على مجمل العملية الاقتصادية ،وهنا يأتي دور السياسة النقدية بانتهاج سياسة نقدية وإجراءات تكميلية تخفف من الآثار السلبية للسياسة المالية التوسعية.ومن هنا فقد جاء قانون البنك المركزي، موضوع مقالتنا هذه، بمبادئ وقواعد تختلف عن مبادئ وفلسفة قانون البنك المركزي السابق رقم (76) لسنة 1976 وليس من شك أن هذا الاختلاف لم يأت عبثا أو بدون مبررات موضوعية ولم يأت مصادفة .وغني عن القول إن لسياسة الانفتاح والحرية الاقتصادية التي اعتمدها العراق بعد إسقاط النظام الدكتاتوري دورها هي الأخرى في إقرار المبادئ والقواعد التي جاء بها قانون البنك المركزي الجديد.وما يهمنا من هذه المبادئ والقواعد تلك التي جاءت مختلفة في القانون الجديد عن سلفه والتي تعزز استقلالية البنك المركزي وهي :أولا- تعيين المحافظ ونائبيه والمناصب الرئيسة فيه :في القانون الجديد تتولى سلطة التعيين، وهي هنا رئاسة الوزارة، ترشيح المحافظ ونائبيه إلى مجلس النواب الذي له الحق في إقرار أو رفض هذا الترشيح وبالتالي فإن المحافظ يكون مسؤولاً أمام مجلس النواب وليس أمام مجلس الوزراء  . . ولمجلس النواب مساءلة المحافظ وعزله إن رأى ذلك . أما في القانون السابق فإن المحافظ ونائبيه يعيّنون بمرسوم جمهوري ( المادة الثامنة عشرة). ثانياً – استقلالية السياسة النقدية فلقد نصت المادة ( 19 – 2 ) من القانون الساري المفعول على أن القرارات التي يصدرها مجلس إدارة البنك المركزي تصبح سارية المفعول فور صدورها وهذا دليل ساطع على استقلالية البنك المركزي ، في حين اشترط القانون السابق عرض القرارات التي تتعلق بالسياسة النقدية والائتمانية على وزير المالية ليرى رأيه فيها وله أن يعيد ما لا يراه متفقا معه إلى مجلس إدارة البنك لإعادة النظر فإذا أصر الأخير على موقفه يعرض الموضوع على مجلس الوزراء للبت في الأمر ( المادة الرابعة عشرة ).وفي القانون الجديد ثمة دليل آخر على نية المشرع تعزيز استقلالية البنك المركزي هو خلو مجلس الإدارة من ممثل لوزارة المالية إذ يتشكل هذا المجلس من المحافظ ونائبيه وثلاثة من كبار المديرين في البنك وثلاثة أفراد ممن لديهم الخبرة المالية والمصرفية والقانونية المناسبة ( المادة 11 ) في حين إن مجلس إدارة البنك في القانون الملغى كان يضم ممثلا عن وزارة المالية لا تقل درجته عن مدير عام ( المادة الثامنة ) . ثالثا – إقراض الحكومة فلقد حظر القانون الحالي على البنك المركزي منح أية ائتمانات مباشرة أو غير مباشرة للحكومة أو لأية هيئة عامة أوجهة مملوكة للدولة ( المادة 26 -1 ) ، وذلك على النقيض من القانون السابق الذي أجاز منح الحكومة سلفا مؤقتة لتغطية عجز مؤقت في الميزانية الاعتيادية على أن لا تتجاوز هذه السلف 15 % من إجمالي الإيرادات المخمنة للميزانية الاعتيادية ( المادة الحادية والعشرون).إن القول باستقلالية البنك المركزي عن الحكومة لا يعني انه يعمل بمعزل عن الدولة ولا يلتزم بفلسفتها وتوجهاتها العامة بل العكس فهو جزء من المنظومة الحكومية يتأثر بسياساتها ويؤثر فيها ويراقب التطورات المالية والاقتصادية ويتصرف إزاءها بحدود صلاحياته ومسؤولياته وليس أدل على ذلك من السياسة التي انتهجها البنك المركزي لكبح جماح الضغوط التضخمية الحادة التي شهدها الاقتصاد العراقي منذ نهاية عام 2005 واستمرت لبضع سنوات لاحقة إذ شرع باعتماد سياسة نقدية انكماشية تستهدف تقليص عرض النقد وتقليص حجم الائتمان وذلك برفع أسعار الفائدة ورفع نسبة الاحتياطي النقدي Legal Reserve Requirement فضلا عن فتح نافذة الاستثمار للمصاريف التجارية لدية لاجال مختلفة ونرى انه كان لساسة البنك المركزي الأثر الأبرز بخفض معدلات التضخم تلك وذلك بالتضافر مع عوامل أخرى، لكي لانغمط حق الآخرين، كان لها دورها أيضا ولعل من أهمها إنهاء أزمة الوقود والنجاحات الأمنية النسبية التي تحققت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram