| 2- 2 | أ د. نجم عبدالله كاظمقد يتساءل البعض بالقول: ولماذا (الانحياز) للمرأة؟ وهل هي أفضل في السياسة ولقيادة بلد؟ ومع أننا لا ننحاز للمرأة هنا بقدر ما نريد إلغاء الانحياز للرجل، فإن هذا سؤال يقودنا قبل الإجابة عليه ، إلى النصف الأول من طرحنا المتمثل في أن آلاف السنين من فشل الرجل في الحكم تكفي،
ثم إلى المقارنة ما بين الرجل والمرأة، الذي هو النصف الثاني من طرح مقالنا، وهي المقارنة التي تكشف برأينا عن (احتمال) أن تكون المرأة أصلح فعلاً للسياسة والحكم، والتي نجملها بالآتي: 1) المرأة عندنا وبنظر (المنصف) الباترياركي قبل اللاباترياريك/الأنثوي هي: الحب، والجمال، والنظافة، والسلام، ونبذ العنف، والعائلة. ومن زاوية النظر المنصفة نفسها فالرجل هو: الديكتاتورية، والفردية، والحرب، والعنف، والاستئثار، والعناد، والجشع، والتصفيات، والجنس، والقتل.2) قد نذهب جزئياً مع مذهب الرجولة في عدم تساوي الرجل والمرأة، وهو ما تقول به حتى بعض الأنثويات، وتحديداً في أن الكثير من المجالات هي مما لا تلائم المرأة، كما أن هناك ما لا يلائم الرجل. ولكن لا بد من أن يكون هناك أيضاً ما يتساوى أمره عند الاثنين، فلماذا لا يكون الحكم منه؟ برأينا أن هيمنة الرجل على المرأة كان نتيجة الشيء الوحيد الذي لا جدال في تفوق الرجل فيه على المرأة خصوصاً قديماً أيام طفولة الشعوب وما قبل العلم والتطور، وكثيراً ما كان المعيار الأهم، نعني به القوة العضلية. لكن هذا الشيء سقط اليوم معياراً للحكم ما بين أي فرد وفرد، نعني ما بين رجل ورجل، وبين امرأة وامرأة، وبين رجل وامرأة، إلا في حالات محدودة. وعليه نعتقد أن لمن العيب أن يعتمد عاقل العصر الحديث هذا المعيار، بل أن اعتماده له بظننا يكون منقصة له.3) حتى حين نخالف بعض اتجاهات الحركات النسوية في تفسير بعض خصائص أو صفات المرأة على أنها من إفرازات التمييز وتراكم التعامل الباترياركي عبر التاريخ، ونذهب مع الباترياركيين في القول بأنها من نتائج البايولوجيا وربما النفسية النسائية، فإن الكثير من ذلك قد يُحسب للمرأة تعلقاً بالقدرة على الحكم. في هذا يقول توماس بيرلس الاختصاصي في الشيخوخة في جامعة بوسطن الأميركية: "هذه الخصائص المتواجدة عند المرأة تساعدها على تربية عدد كبير من الأطفال، كما تمنحها قدرة الصمود أمام المتغيّرات البيئية والاستقرار على صحة عالية لفترات طويلة" الأمر الذي قد يفيد في الحكم.4) ربما تعلقاً بهذا يأتي ما تُوصف- ولا نقول تُتهم- به المرأة وهو التردد في الحسم وتبديل الرأي قبل اتخاذ القرارات بشكل نهائي، وقبل التفضيل ما بين شيئين أو أشياء، وقبل اختيار هذا الرجل أو ذلك صديقاً أو زوجاً أو رفيقَ عملٍ أو ما أشبه ذلك، إضافة إلى ما يُقال عن عاطفيتها وترددها ...الخ. إذ ما أحوجنا اليوم التردد مع ترددها ألف مرة قبل أن تقدم على الاستئثار والقتل والغزو وقمع الآخر. بتعبير آخر نتساءل: ولم لا يكون هذا (التردد) هو تروّياً ليكون خاصية لا عيباً، خصوصاً حين يكون في اتخاذ القرارات الحاسمة في الحكم؟ أليس التأني وعدم التسرع في الحسم خيراً من التهور والتسرع والاندفاع الأهوج في اتخاذ القرارات، كما يفعل الرجل في ظل الأنّية والفردية والكبرياء والثقة غير المتوازنة بالنفس والعجرفة والانفعال ورد الفعل السريع وغير العقلاني، مما قاد الكثير منه إلى الكوارث البشرية ؟5) وتعلقاً بذلك يرى علماء أن المرأة، التي تعرف بالجنس الدمقسي واللطيف والضعيف، تمتلك قوى خفيّة يوفرها لها هورمون الإستروجين (الهورمون الانثوي)Estrogen المسؤول عن كافة المواصفات الأنثوية في جسد المرأة. وهو يساعد على رفع نسب بعض المواد الخاصة التي تساعد على توسيع الشرايين، فيقلل بالتالي من خطر حدوث جلطات دموية فتّاكة. وهذا ما يختلف عنه الرجل إذ هو يحد من ارتفاع مستويات الكوليسترول (المادة الدهنية الشمعية) التي يرتبط ارتفاعها بأمراض القلب والشرايين، بما فيها الذبحات الصدرية والأزمات القلبية والجلطات الدماغية التي، لهذا، تكون أقل حدة في المرأة بخمس مرات عنها عند الرجل. والمعروف أن مستوى الأستروجين يرتفع خلال فترة الطمث فتساهم في جعل الشرايين عند النساء تعمل أكثر بنسبة عشرين في المئة، كما تتضاعف مستوياته أثناء الحمل بمقدار أربعين ضعفاً وهذا مما يساعد المرأة الحبلى على الولادة. وهكذا فتواجد هورمون الأوستروجين جعل مناعة المرأة أكثر فاعليةً منها مما في الرجل. ومع أنه يُستثنى من ذلك بالطبع المخاطر الكبيرة التي تتعرض لها المرأة خلال فترة الحمل، فإن الجنس (الضعيف اللطيف المعشر الخفيف الظل) أقوى بيولوجياً من الجنس (الخشن المولع بالقوة والغرور) وهو اختلاف جذري يصب لصالحها تماماً.6) في مقابل هذا، ليس غريباً أن يرى بعض دارسي التاريخ وعلم النفس وعلم النفس التأريخي أن الرغبة الجنسية هي حقيقةً سبب أساسي للحروب، حتى حين يكون الدافع المعلن هو غير ذلك، كأن يكون دينيا، أو حضارياً، أو استعمارياً، أو اقتصادياً، أو رداً على اعتداء، أو طلباً للحرية. وهنا، ورداً على من قد يقول، إذن، فالمرأة هي السبب، نقول إن الرغبة الجنسية هنا هي رغبة الرجل في المرأة أكثر بمرات عديدة جداً منها رغبة المرأة فيه
آلاف السنين من حكم الرجل تكفي!
نشر في: 8 مايو, 2012: 07:57 م