هاشم العقابيعندما انتقدت الحكومة بسبب إباحتها نشر البنادق في البيوت التي يحيط بها الإرهاب من كل صوب، كإعلان لعجزها عن حماية العراقيين، شاركني الكثير من القراء فزعي. لكن بالمقابل جاءتني ردود استغرب بها اصحابها من خوفي. بعضها اعرف دوافعه لأن ثقافة "كل ما يقدم عليه الحاكم صحيح ومطاع"
ما زالت تتحكم في مواقف الكثير من الناس خاصة البسطاء منهم. لكن بعضها كان مفزعا بحق. فأحد القراء الكرام كاتبني وكأنه يتغزل بمجد عظيم اذ كتب بالنص: "هناك مثل عراقي تردده امهاتنا كترنيمات اثناء تنويمهن اطفالهن يقول "ابني المضغته البارود مفطوم على سركيها غم (راي) التجيب اهدان وتكمطه على رجليها " اي ان موضوعة السلاح وتواجده جزء من ثقافة شعب اشتهر بمقاومته المحتلين خصوصا في ثورته المشهودة في عشرينيات القرن الماضي". يسمي ما قاله "ثقافة شعب"، وغالبا من يتحدث عن ثقافة شعبه بهذه الصيغة يعني انه يفتخر بها. أم تغذي طفلها بخلطة من البارود المعتق المعروف برائحته الخائسة، وليس بعصير او فيتامينات. ثم تفطمه على "زناد" بندقية. المعروف ان الطفل عندما تفطمه امه تعطيه شيئا يمصه او يرضعه بدل الثدي وغالبا ما تسميه الامهات "ملهّي". أما نحن "العظماء" فالمفطوم عندنا يمص زناد بندقية. وان صح قول بعض النقاد ان الشعر يتكون من صورة او معنى، فاني اترك لكم ان ترسموا بمخيلتكم صورة طفل بعد ان تشبعه امه بارودا يتعلق ببندقية ليمص زنادها.ليس هذا، وحسب، بل ان ما سمي بأدب او هوسات ثورة العشرين يزخر بصور تتغنى بالقتل والذبح والقسوة حتى اني اجهدت نفسي بالبحث فيه عن اي شيء له علاقة بالمحبة والتسامح ولو من بعيد فلم اجد. فهذه التي تدعي انها "عمتنا" تريدنا ان نكون ذئابا مفترسة نأتيها بجنود العدو لنذبحهم امام عينيها والا فنحن لا نستحق ان نسمى رجالا: اذياب شاة الهم تصيرون اونيشان للرشاش تكفونيولادنه صلفين العيون امن السيك والهندو تخافون؟اريدن امن السوجر تجيبون ضحايا اباب عمتكم تذبحونوهذه أخرى لا تريد من ابنها ان يكون قطاع طرق او "عاكول" بل قطاع رؤوس:اويلاه يبني اشلون بيك؟ ترد الزلم لو فاتت اعليكتكص راس كل واحد يحاجيكهكذا يكون الحوار مع الآخر، والا فلا! انها ليست مربية "صالحة" فقط، بل ومتنبئة بما سيحل بالعراق من قطع للرؤوس فلتقر عينا لأن ما اوصت به نفذه جيش من الابناء "الصالحين".ان شعبا يتغنى بهكذا صور دموية بحاجة الى جهد شجاع وجريء يوقظه من سباته. انها مسؤولية دولة وحكومة تحب شعبها، لكن منين يا حسرة. فحكومتنا اليوم بدلا من ان تفكر جديا بمحو آثار ثقافة التغني بالقتل والذبح، غذت تلك الثقافة بقانون رسمي لتجعل في كل بيت "مضغة" بارود يتلذذ بها أطفال العراق، مع بنادق يلعق "سراكيها" من يبلغ منهم سن الفطام.
سلاما ياعراق :يا للبشاعة!
نشر في: 11 مايو, 2012: 09:37 م