TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > عزلة سياسيّة

عزلة سياسيّة

نشر في: 12 مايو, 2012: 08:02 م

يعقوب يوسف جبر الرفاعي أقسى ظاهرة اجتماعية أن يكون المواطن بائساً وهو يعيش ضمن دولة تتخذ من نصوص احترام حقوق الإنسان وشعارات الديمقراطية البراقة واجهة لتجميل وجهها ، إنها تملك دخلا قوميا هائلا ،  لكنها  لا تملك القدرة على وضع الخطط والإستراتيجيات الهادفة إلى استثمار هذا الدخل لإنهاء معاناة المواطن .
إلى ما ذا تشير هذه الحالة ؟ هل تشير إلى ضعف الخبرة على مستوى التنظير وكذلك على مستوى التطبيق ؟ ماذا دها السادة صناع قرارات الدولة ؟ لماذا أخفقوا في معالجة بعض الممارسات الخاطئة ؟ ما أغربها من مفارقة حينما تجد مواطنا صنع هذه الدولة عبر الانتخابات وصناديقها ، كان يأمل أن تتمكن من انتشاله من وهدة الضياع لكن هذا الأمل لم يتحقق بعد ، فالاضطهاد والحرمان وانخفاض مستوى الدخل هو ما اعتاد عليه بعض المواطنين ، أليست هذه ظاهرة شاذة في بلد يطفو على بحر من النفط ويملك موارد طبيعية وبشرية ثرة ؟ كيف يفكر السياسيون؟  وبماذا يفكرون ؟ ولماذا لا يفكرون في معاناة المواطن ؟ يبدو أن تفكير رموز الدولة ينصب بالدرجة الأولى على كيفية رعاية أحزابهم والتابعين لها ، وكيف يحافظون على مكتسباتهم ومناصبهم التي حصلوا عليها بشقّ الأنفس.كيف ينظر المواطن اليوم إلى  رموز الدولة ؟ وكيف ينظر رموز الدولة إلى المواطن ؟ هل ينظر المواطن نظرة ثقة وتفاؤل واستحسان ؟ هل يشعر رموز الدولة بهموم المواطن ؟ يبدو أن رموز الدولة كتبوا على أنفسهم العزلة السياسية فلم يعد بإمكانهم التواضع والنزول عند رغبات المواطن ، لأن ذلك يعني فقدانهم بعض امتيازاتهم ، أما المواطن فيشعر بأنه عبد أجير يعيش في زنزانة مظلمة فاقدا للأمل ، مفعما بالألم  ، لا يشعر بالتفاؤل ، لم يلمس بعد تحقق حلمه في الخلاص من الضيم القديم والجديد ، إذن هذه الظاهرة تعكس التباين الشاذ والكبير  ما بين الدولة ومواطنيها ، فهل ستبقى الدولة معزولة والمواطن معزولا أيضا؟ وهل ستظل الدولة عبارة عن إقطاعية للكبار  تضطهد المواطن وتعجز عن تحقيق طموحاته الدستورية المشروعة؟ هل الدولة ميدان لتضييع الوقت والمال على حساب المواطن؟ إنه لأمر غاية في الغرابة ، دولة مترفة ومواطن فقير لا يجد قوت يومه يعيش على الفتات ، يصرخ من الوجع ومضض العيش فمتى الخلاص ؟ هل سيظل قدره البؤس والشقاء ؟ بلاده كأنها ضيعة لغيره وليست ملكا له ، رغم أنه الأولى بثرواتها وخيراتها أهذا هو العدل والإنصاف؟ يبدو أن قدر هذه البلاد العزلة السياسية والنفسية والشقاء الطويل فما أقسى هذه الظاهرة الخارجة على المألوف!  إن الحل المثالي لمعاناة مواطني هذه  البلاد يكمن في التغيير الجذري للثقافة التقليدية على الصعد كافة ليتنفس المواطن الصعداء، أما الانتظار والتربص الطويل فلا جدوى منه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram