باسم محمد حبيبمن المصطلحات التي شاعت في أوساط العراقيين بعد التغيير مصطلح ( العملية السياسية ) الذي عني به وصف المسار السياسي للبلد بعد حالة التغيير التي  شهدها في أعقاب عام 2003 .وبالطبع فإن مصطلح (عملية سياسية) يفترض وجود خطة مسبقة متفق عليها من قبل أطراف معينة ( كتل سياسية ) لتوجيه دفة البلاد باتجاه معين بحيث يمثل ذلك الاتجاه غاية العملية السياسية  .
ولأن العراق مر بمراحل ينطبق عليها هذا الوصف (أي وصف العملية السياسية) فإننا نفترض انه يتجه إلى غاية معينة تمثل تتويجا لهذه المراحل التي تشكل معالم هذه العملية السياسية الجارية في العراق .لقد شهد العراق تشكيل مجلس تأسيسي(الجمعية الوطنية) تم انتخابه بالاقتراع المباشر ثم شكل هذا المجلس لجنة لكتابة الدستور ضمت مختلف الأطياف العراقية ثم أجري الاستفتاء الشعبي الذي أقر هذا الدستور وكان المفترض أن يكون ذلك خاتمة العملية السياسية لأن الدستور هو الذي يحدد طبيعة النظام السياسي ويعرض بدقة مسار المرحلة السياسية اللاحقة فلا يكون هناك بعد ذلك من سبيل للخروج عليه بدون الدخول في معمعة سياسية عارمة .لكن العملية السياسية تواصلت بعد ذلك وكأن كتابة الدستور لم تحسم تشكيل النظام السياسي أو تحدد مسار المرحلة اللاحقة حيث غدا الدستور وسيلة للتوافق أكثر من كونه سبيلا لإنشاء نظام سياسي متين فكانت الاجتهادات المتعارضة التي تم تضمينها في الدستور من خلال التوافق عاملا من عوامل الأزمة وسببا من أسباب الفتنة الكامنة .ثم كان المفترض أن ينظر إلى تشكيل الحكومة المنتخبة على انه ختام للعملية السياسية وبداية لحالة الاستقرار السياسي إلا أن أيا من هذا لم يحصل فما أن انتهت ولاية الحكومة حتى دخلت البلاد في دوامة من الصراع السياسي التي أتت بالكثير من المآسي للبلاد ومن ضمنها استفحال موجة الإرهاب وتصاعد معدلات الفساد .وتكرر الأمر مرة أخرى عند تشكيل الحكومة الأخيرة فهذه الحكومة لم تتشكل إلا بعد جولة طويلة من المفاوضات وبعد سيل من التنازلات والصفقات السرية والعلنية وبعد تشكيلها دخلت البلاد في معمعة من الصراعات الجديدة محركها هذه المرة تنفيذ تلك الاتفاقات والصفقات التي تشكلت من خلالها الحكومة حيث تعقدت الأمور أو أخذت تتجه  إلى حافة الانهيار السياسي .وفي ظل هذه الفوضى العارمة والصراع المكشوف بين الشركاء هل مازالت لدينا عملية سياسية  أم أننا نشهد لحظة إعلان نهايتها من قبل نفس القوى التي بدأتها وشاركت في معمعتها  ؟