بغداد/ المدىفي إحدى سيطرات الكرخ الثانية والتابعة لعمليات بغداد .. عقارب الساعة تشير إلى الثامنة مساءً ... جنود السيطرة وآمرهم تبدو عليهم علامات التحفز الشديد والانتباه، بما يوحي بأنهم ينتظرون سيارة معينة ولها مواصفات خاصة ... طفل صغير مع أمه استأجرا سيارة للذهاب إلى سوق حي العامل ... كانت أمّه تحث السائق على أن يسير بسرعة للحاق بالأسواق قبل أن تغلق ... فقد وعدته أمه بأن تشتري له ملابس جديدة بمناسبة عيد الأضحى ... كانت الدقائق تمر على الطفل كأنها سنوات ...
تخيل نفسه وهو يرتدي الملابس الجديدة ... يجري هنا وهناك ويذهب إلى حدائق الزوراء مع أصدقائه ... لم يكن يتخيل ابدأ ما سيحدث له بعد دقائق معدودة وانه سيحرم من الاستمتاع بملابسه الجديدة ... بل سيحرم من الاستمتاع بأجمل سنوات عمره مثل باقي الأطفال !.. انتبه (ج) سائق سيارة الأجرة على صوت رجل يرتدي ملابس عسكرية ومعه سلاحه الرشاش يطلب منه فحص السيارة بالسونار وتفتيش الصندوق الخلفي ... لم يطل الجندي في فحص الصندوق ... وقبل السماح للسائق بالمرور جاءت سيارة مسرعة وتجاوزت السيطرة ... قفز اثنان من الجنود مع أسلحتهم في سيارة الأجرة وطلبوا من سائقها التي يستقلها (ج) ومعه الطفل وأمه بملاحقة السيارة الهاربة ... وبالفعل نفذ السائق أوامر الجنود الذين كانوا مرتبكين وبصوت عالٍ وخشن كانوا يحثون السائق على السير بسرعة ( امشي ... بسرعة ... الآمر يوقفنا إذا لم نمسك بالسيارة .. طاح حظنا وحط أبونه على هذه الطركاعه !) وبدأت المطاردة ... لكنها لم تنته باللحاق بالسيارة أو إفلات سائقها من قبضة الشرطة .. بل انتهت على صوت طلقة نارية من داخل سيارة الأجرة .. هذه الطلقة خرجت بطريق الخطأ من سلاح أحد الجنود لتستقر في بطن الطفل وسط ذهول أمه والسائق.بعد حوالي ثلاث ساعات وداخل مستشفى اليرموك ... كان والد الطفل وزوجته يبكيان بحرقة أمام غرفة العمليات التي يرقد فيها ابنهما بين أيدي الأطباء ... لا ينطقان إلا بكلمة واحدة هي (يا رب أحفظه لنا) .. وبعد ساعة خرج الطبيب ليخبرهم أن الطفل بخير ... وانه اخرج الرصاصة من جسد الصغير ... لكنه اضطر لاستئصال الطحال الذي مزقته الرصاصة تماما ... وإن هذا لن يؤثر في جسم الطفل!الرصاصة لا تزال في جسمه عشرون يوما مرت على الطفل داخل المستشفى ... استعاد فيها جزءاً من عافيته ... لكن لم تكتمل سعادة الأب بهذا ... فقد اخبره الطبيب الجراح أن الرصاصة ما زالت في بطن الطفل وبالتحديد في جانبه الأيمن ... وإن عملية استخراجها ستكون سهلة للغاية ... وبالفعل في عملية أخرى فتحت فتحة صغيرة في جنب الصغير أخرجت الرصاصة منها ... وبعدها بأيام قليلة خرج من المستشفى ليكمل فترة النقاهة في منزله ... سارت الأيام طبيعية ... الطفل يستعيد عافيته ويعود إلى المدرسة ... والأب في صلح عشائري (قبض المقسوم) وتنازل عن شكواه في مقر اللواء المنسوبين إليه !... لكن الطفل لا يستطيع بذل أي مجهود ... فإذا سار الطفل فترة طويلة شعر بألم شديد أسفل بطنه ... كان الأمر طبيعيا في بداية الأمر ... فالصغير تعرض لعملية خطيرة بالطبع ستكون لها مضاعفاتها ... لكن الطفل عاش سنة كاملة مع آلامه حتى سقط مغشيا عليه في طريق عودته من مدرسته الابتدائية ... حمله الأب وذهب به الى احد الأطباء ... لم تخفف أدويته من آلام الصغير !.. طلب الطبيب منه أبيه عمل أشعة وسونار وتحاليل حتى يحدد السبب ... وكانت المفاجأة التي أذهلت الجميع .. يعيش بكلية واحدة متضخمة بشدة... والثانية ليس لها أثر !.. أمام وزارة الصحة قدم الأب تقارير الأشعة والتقارير والسونار التي تثبت اختفاء كلية ابنه ... واتهم المستشفى والطبيب الجراح الذي أجرى العملية بسرقة كلية ابنه أثناء العملية ... ولحد الآن لم تظهر نتائج التحقيق لان الدكتور سافر إلى عمّان منذ سنتين حيث يعمل في مستشفى لغسل وزرع الكلى !.. وبسبب المراجعات الكثيرة للأب إلى مقر الوزارة والمستشفى، باع الأب أثاث بيته حتى يستطيع إجراء السونار والتحاليل الطبية المكلفة جدا بالإضافة الى علاج الطفل طوال السنتين !.. اطلعنا على جزء من الشكوى في نقابة الأطباء ... التي طالبها والد الطفل بضمان سلامة صحة ابنه وإنقاذه من المصاريف الباهظة التي يتكلفها كل يوم ... وذكر أيضا في شكواه أن الطبيب الجراح أصر على إجراء أشعة خاصة للطفل وبالرغم من تأكيد الأطباء المتخصصين بالكلى خطورتها على صحة الطفل ... وأخيراً ختم شكواه ... إذا كان ابني مولود بكلية واحدة ... وإن كليته اليمنى بها ضمور ! فلماذا لم يكتب الطبيب في تقريره ذلك .. بالرغم من انه شاهد بطن ابنه بالكامل في العملية الأولى، ولكن في العملية الثانية اختفت كليته على اثر الأشعة التي إصر الطبيب عليها !..
رصاصة خاطئة تفقد الطفل كليته!!
نشر في: 13 مايو, 2012: 07:02 م