قيس قاسم العجرشعلى المستوى الشخصي،لا يوجد ما يدفع لاحترام شخص لا يظهر الاحترام المتبادل للآخرين. وواحد من أهم أوجه "الاحترام" بالمعايير الكونية أن لا يتعامل الفرد،أو المؤسسة أو الجماعة مع الآخر وكأنه مغفل أو غبي.من هنا راجت مقولة "احترم ذكائي" في دعوة واضحة للتعامل بلاغش، بلااستغفال كي نتعامل بالمثل.
لكن احتمالية التعرض للاستغفال تزداد كلما كانت ساحة "النصب "أكبر، صحيح أن العكس هو الأولى أن يحدث، لأن خداع شخص أسهل من خداع أمة، لكن الذي يحدث أن تجربة الوقوف أمام كاميرا أو مايكروفون أو الحديث لوكالات الأنباء أصبح أكثر إغراءً من أي وقت مضى للنصابين كي يمارسوا هواياتهم وإسقاط عقدهم النفسية وكشف أسبار ذاكرتهم المليئة بجوع الاحترام عبر ممارسة ذات الشيء مع الناس.كل ما قيل رسمياً في قضية طارق الهاشمي كان ينم عن"عدم احترام"للرأي العام، كل حدث يرافق هذه القضية التصق بوثوق مع هدف استغفال الناس ومن كل الأطراف حتى صارت مثالاً للتندر في التبرير المفذلك.حتى أردوغان،ملك سمعة"الحاج الطيب"انزلق وصار يتحدث عن "أغراض علاجية "يتواجد بسببها الهاشمي على الأرض التركية.أردوغانية عراقية بامتياز هي آخر ممارسات الإسلامي الليبرالي القومي الإصلاحي،كلها صدرها الحاج رئيس الحكومة هناك رغم تفضيله لقب "تاجر"عملياً.طبعاً الحاج الطيب رئيس الحكومة التركية ليس مغفلاً كي يتواجه مع جنبة قانونية وإجراءات يحكمها القانون الدولي ثم يتواجه إعلامياً مع الحاج رئيس الحكومة العراقية،لكنه بالتأكيد سيكون مغفلاً إذا ظن أن العراقيين سيصدقون ما قاله.وإذا كان العراقيون"في معظمهم" بالأصل لا يصدقون الهاشمي في دفاعاته لأنه واحد من أمراء الطائفية بامتياز وكذلك لا يصدقون الحكومة لأنها استمرأت الكذب ولا يصدقون القضاء العراقي لأنه غير مرئي بالنسبة لهم فكيف سيصدقون أردوغان الذي يكذب على العرب باسم الإسلام وهو تركي قومي بالدليل ويكذب على الإسلاميين باسم الليبرالية وهو براغماتي "أسطة" ويكذب على العراقيين في حين يسهم في سوق الفساد العراقي- الشركات التركية هي الشريك الأول في أكبر المشاريع فساداً في العراق- ويشحح ما يطلق من مياه الفرات ودجلة كل يوم ولا يفتح صنابيرها إلا بما تفرضه قراءة الرصد الزلزالي وتأثيرالهزات الأرضية على السدود التركية.ومع ذلك،لا أظن أن المستشفيات التركية ستتمكن من شفاء الهاشمي من أمراض العصر السياسية المزمنة، خاصة في حالتها المتقدمة المتصلة بالإرهاب كما تم تشخيصه عند الهاشمي وعشرات غيره لم يتلقوا العلاج إلى الآن والأرجح أنه نقل فايروس الاستغفال إلى الحكومة التركية بدليل شكره ما أسماه منها "الاستضافة" أو "الدعم" ، ولا أعرف أيضاً لماذا لا يمكن أن نعود مع هذه الحالة إلى سجل المفردات القديمة من قبيل(العمالة والتبعية والتواطؤ مع الأجنبي) وكل ما هو منتم إلى قائمة المفردات التي استهلكها الهاشمي نفسه وصحبه وقرّع بها أسماع العراقيين قبل أن يهاجر إلى أرض السلاطين والحريم والكفاح المسلح.جدارنا المائل والمهلهل في الحقيقة هو الذي أغوى الآخرين أن يلعبوا على ذكائنا ويستغفلوه ويجاهروا بقهقهة على سرير معارفنا وتجربتنا المريرة مع "ولد القرية".لا أحد سيصدق،هذا ما أتمناه لأنه بداية لتغيير حال المصدقين،المعضلة أن هؤلاء، وهم قلة،لا يكتفون بالتصديق إنما يجبرون الآخرين،وهم الكثرة، على عقد هدنة مع حالة التصديق ثم يغدو الكذب تلقائياً مألوفاً مثل الحقيقة،لا أحد يستغربه.استغرق الجهاز القضائي،مثلاً، شهرين وأكثر كي يقرر مفاتحة الأنتربول ومراسلته بالمذكرة الحمراء لاستقدام أشهر مطلوب للقضاء العراقي، لأننا نتذكر قبل شهرين أيضا أن رئيس الوزراء قال أنه لا يعلم هل أصدر مجلس القضاء مثل هذه المذكرة أم لا ، هل سنصدق هنا أن الرئيس لم يتابع ولم يسأل عن أنتأ عقدة في الساحة السياسية؟ !يعني، هنا يمكن أن نقول "بنظرية التناظر" في أداء الدولة العراقية،فقضية مثل ملف الهاشمي القضائي تسير بنفس سرعة "معاملة" في دائرة التقاعد أو ملف نزاع أمام هيئة دعاوى الملكية،نعم ،هذه نصدقها لأنها ملموسة.أرجوكم يا متنافسي الزمن الرديء، احترموا كي تحترموا...أو على الأقل مرّوا بنقطة سيطرة حكومية كي تطلعوا على تجربة عملية لفوائد "الاحترام"!
أغراض علاجية غير محترمة
نشر في: 13 مايو, 2012: 07:16 م