عباس الغالبيفي مطلع العام الحالي وتحديداً خلال الأيام الأولى منه سألت احد المختصين عن أسباب معاودة التضخم لمستويات الارتفاع التدريجي بعد ان سجل انخفاضاً لافتاً للنظر خلال الأعوام القليلة الماضية حيث انخفض من 36% في عام 2003 الى 2% نهاية عام 2010،
فقال لي انها مجرد فقاعة سعرية سرعان ما تزول قريباً، ولكن الذي حدث ان هذه الفقاعة اتسعت دائرتها وأصبحت فقاعات وأصبح مستوى التضخم الآن ما مقداره 8%، وهذه مؤشرات الى ان التضخم كظاهرة تضرب عمق الاقتصاد الوطني أخذت تستعيد عافيتها وانها في تصاعد مستمر، ما يؤكد ان ثمة خللا في السياستين النقدية والمالية لابد لأصحاب القرار ان يتخذوا التدابير اللازمة للحد من تفاقم هذه الظاهرة وارتفاع مستويات التضخم الى سابق عهدها.ولعل من الاسباب التي نراها جوهرية والتي أدت الى هذا الارتفاع هي الخلل الذي أصاب سعر صرف الدينار اتجاه الدولار الامريكي بسبب زيادة الطلب على الدولار لعوامل خارجية واخرى داخلية تشكل مجتمعة تحديا امام منظومة الاسعار التي تأثرت هي الاخرى كنتيجة لهذا الارتفاع الذي اصاب الدولار وهو الذي يشكل العنصر الرئيسي للتمويل المطلوب في التجارة الخارجية ليس في العراق فحسب، بل في دول الجوار الاقليمي ومعظم بلدان العالم الاخرى.كما ان الارتباك الذي يصيب بورصة الاسعار العالمية ولاسيما المواد الغذائية بين الفينة والاخرى يلقي بظلاله بطبيعة الحال على منظومة الاسعار في الاسواق المحلية، مع الاشارة الى ان الاسواق تتميز بسرعة التأثر بالشائعات والتي يراد منها التأثير على الاسعار السائدة، ما يؤكد ان الاسواق المحلية تحتاج الى جهد كبير لضبط معاملاتها بسبب الثقافة الحالية السائدة والتي تحتاج الى تحديث وتغيير.ولكن نقول ان معاودة التضخم الى مؤشرات الارتفاع وان كان تدريجيا هي بمثابة انذار بقدوم خطر في الاقتصاد العراقي، الامر الذي يتطلب جهدا حكوميا عالي المستوى تشترك به عدد من الوزارات والجهات الاقتصادية ذات العلاقة بالموضوع لتحديد الاسباب الحقيقية التي أفضت الى هذا الارتفاع، وان يعمل البنك المركزي العراقي بالاشتراك مع وزارتي التخطيط والمالية على تحديث سياسته النقدية والتنسيق المباشر مع وزارة المالية لرسم سياسة نقدية جديدة تتسق مع السياسة المالية تراعي حجم الانفاق التشغيلي العالي، فضلاً عن الأخذ بنظر الاعتبار متطلبات السوق من السيولة النقدية والعمل على مراقبة السوق ومنظومته السعرية والتعامل بدقة مع المتغيرات التي قد تحصل بين الحين والاخر في هذه المنظومة سعياً لضبط التدفق الهائل للكتلة النقدية في الاسواق والتوجه نحو لجم جماح التضخم ومعاودة انخفاضه من جديد.
اقتصاديات: التضخم يعاود من جديد
نشر في: 13 مايو, 2012: 07:49 م