بغداد / وائل نعمة يستيقظ عادل، العامل في مجال البناء، كل صباح على صوت نهيق الحمار، ورفسات قدمه على الباب الحديدية، عادل ذو الثلاثين عاما يستقر حمار جيرانه "العربنجي" بالعمود المجاور لبيته. أحيانا يسد الحيوان المربوط بحبل رمادي نصف بوابة المنزل، ما يضطره إلى اخذ دور صاحبه باستخدام عبارات خاصة للتعامل معه لإبعاده عن الدار.
يرفض الكثير من سكنة مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية العالية ترك منازلهم القديمة -وبعضها الآيل للسقوط من فعل الرطوبة- والانتقال إلى مشاريع إسكانية حديثة تسعى الحكومة إلى إنشائها لتغيير نمط الحياة في تلك البقعة التي تضم ما يقرب الثلاثة ملايين نسمة موزعين على 82 ألف وحدة سكنية –حسب أرقام المجلس البلدي-. أكثر المعترضين أصحاب العربات الخشبية التي تجرها الخيول والحمير، يشير احدهم إلى انه يضع حماره في داخل البيت، متابعا "انه رأس مالي واعتمد عليه في عملي بجمع العلب المعدنية الفارغة". ويستغرب حسن "العربنجي" –كما يدعى في المنطقة – من فكرة السكن بشقة "أين سأربط الحمار"؟عادل المتضايق من حمار جيرانه وصوته الصباحي، يتمنى الإسراع في إنشاء وحدات سكنية حديثة للهروب من "الإسطبل" الذي يعيش فيه، مضيفا "بعد احداث 2003 وأعمال السلب التي تبعت الفوضى الامنية جلب الكثير من اصحاب العربات خيول أصيلة كانت ملكا لعدي من ضمن ممتلكات نادي الفروسية".في بعض شوارع قطاعات مدينة الصدر، تزدحم الشوارع الفرعية والرئيسة أيضا بمختلف أنواع العربات التي تجرها الأحصنة، عربات بيع النفط وأخرى لاسطوانات الغاز، وتكاد ان تكون هذه المناطق متخصصة بالنفط والغاز فقط، ما استدعى أن يسميها البعض بـ(شارع اوبك) نسبة الى المنظمة العالمية التي تجمع اكبر مصدري النفط. العربات المسحوبة بالحمير والخيول تتمتع بامتيازات خاصة في الشارع، لا تملكها سيارات الهيئات الدبلوماسية –كما يقول أصحابها. يتحدث قصي حامد شرطي مرور في مدينة الصدر عن صعوبة التعامل مع أصحاب العربات، متابعا "ليست لديهم أوراق رسمية أو سنوية أو أرقام، ومعظمهم أطفال". وتمر تلك الحمير والخيول ساحبة مقطورة تصل طولها بامتداد سيارة "الكيا" دون ان تلتزم بإشارة المرور أو بأوامر الشرطي.ومنذ أن استخدم الإرهابيون الحمير لتنفيذ تفجيرات ضد مواقع مدنية وحكومية تعيش تلك الحيوانات بؤسا لم تشهد مثله من قبل. فقد استخدم المهاجمون عربات تجرها الحمير ليطلقوا منها صواريخ الكاتيوشا على وزارة النفط وعلى الفنادق قرب ساحة الفردوس وغيرها من البنايات الرسمية. وفجأة أصبح كل حمار في بغداد مشتبها به. وتجوب الحيوانات شوارع بغداد المليئة بالحفر، تجر حمولتها الثقيلة وأصحابها وقد علا صوت لهاثها من الإرهاق في بحث يائس عمن يبيعهم أدوات مستعملة.
عربات الحمير في شوارع بغداد: امتيازاتنا دبلوماسية!
نشر في: 13 مايو, 2012: 09:12 م