TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :عن الإنسان والوطن

سلاما ياعراق :عن الإنسان والوطن

نشر في: 14 مايو, 2012: 06:55 م

 هاشم العقابيقد لا أخالف الكثير من أبناء جيلي في حماساتي الشبابية ونظرتي الساخطة على العالم الرأسمالي أو الغربي، بشكل عام، قبل ان أعيش في بريطانيا. لكني ومنذ الأيام الأولى التي عشتها في دول الغرب تبدلت قناعاتي لا بل انقلبت رأسا على عقب. حدث بسيط جدا قلب تلك القناعات القديمة التي هي اقرب "للثورية" كما كنا نسميها ونفخر بها أيضا. فعندما اكتشفت بان الدولة البريطانية تخصص مساعدة لكل طفل child benefit دون حساب لعرقه او وضع أهله المادي، ومعاملته على انه VIP، بكل ما يحمله المصطلح من معنى، قلت لنفسي هكذا تكون الدولة التي يطيب بها العيش وإلا فلا.
ومن يومها لم تعد مصطلحات "الاستعمار" و "الامبريالية" ولا حتى "الاشتراكية"، معيارا أحتكم اليه في تقييمي للنظم السياسية او الاجتماعية لأي بلد. صار المعيار الأول والأخير عندي هو سعادة الإنسان. فالرئيس او الملك أو الأمير الذي يسعد شعبه ويحقق له الرفاهية ويغمره بالخدمات، أقف له احتراما وإجلالا مهما كان دينه او مذهبه او عرقه. قد لا يعجب البعض رأيي هذا او قد يرون فيه شيئا من التبسيط، فلا اعتراض، وهذا من حقهم، وشفيعي عندهم  ان لهم دينهم ولي ديني. فبالنسبة لي وطن بمساحة كيلو متر مربع واحد  يعيش فيه الإنسان سعيدا مرفها ومكرما، أحب إليّ من وطن عرضه السموات والأرض، لكن الإنسان فيه منكسر تحت وطأة الفقر والذل والخوف والفساد، حتى لو كان يحكمه أبي، وليس ابن بلدي أو مذهبي او ديني. فعندما احتل صدام الكويت، لم تسحرني، او بالأصح، لم تغسل دماغي كل الشعارات المطبلة لتلك الخطوة. لقد حسبتها ببساطة وبسؤال واحد: هل  احتلال الكويت سيعود على أهلها بالخير ويوفر لهم حياة كريمة يحسدهم الناس عليها، ام ان حالهم ستكون مثل حال العراقيين في تلك الأيام التي لو كان بها ذرة من خير لما تركنا العراق وتشردنا في المنافي؟ الجواب قادني لأن أقف مع شعب الكويت. نعم وقفت وليرمني من يعترض بأي حجر يشاء.وهكذا تجدني عندما يدور الحديث عن تقرير الشعوب لمصيرها، أسأل: هل ان الكرد لو انفصلوا عن الدولة العراقية "الأم" سيعيشون برفاه وكرامة وأمان، ام ان بلادهم ستعمها الفوضى والمفخخات والفقر والبطالة واللهاث وراء النفط شتاء والكهرباء صيفا؟ فان كانت الأولى فانا مع انفصالهم بدولة مستقلة، بدوافع انسانية خالصة، اما إذا كانت الثانية فسأكون حتما ضد الانفصال وبدوافع إنسانية ايضا. الامر ذاته يحكم نظرتي حول تقرير مصير كركوك. فان كان ضمها للإقليم سيؤدي الى الارتفاع في مستوى معيشة اهلها إنسانيا وخدميا وامنيا، فلتضم. اما اذا كان العكس هو الصحيح، أي ان بقاءها خارج الاقليم سيجعل الانسان الكركوكلي مهما كانت قوميته، يفخر على الأربيلي بما وفرته له الدولة العراقية المركزية من مدارس راقية وشوارع زاهية ورواتب "يحسدها" عليه حتى من كان في الخضراء، وليس في كردستان، مع كهرباء كريمة وامان في الليل والنهار، فوالله لتبقى لا بل وسأدافع عن بقائها.من هذا المنطلق الإنساني نصحت السيد رئيس الوزراء، رغم علمي المؤكد بانه لن يأخذ بنصيحتي او نصيحة غيري ممن لا يسيرون على هواه، ان يعقد اجتماعا لمجلسه بمدينة الصدر قبل ان يذهب به لكركوك. مع هذا لست يائسا، اذ سأنصح، احد اقرب مقربيه غدا في عمود عن العمارة واربيل ، لأنه "يحبني" جدا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إيران: لن نسمح بتكرار أحداث سوريا والمسلحون لن يحققوا أي انتصار

المخابرات الفرنسية تحذر من نووي إيران: التهديد الأخطر على الإطلاق

نعيم قاسم: انتصارنا اليوم يفوق انتصار 2006

نائب لـ(المدى): "سرقة القرن" جريمة ولم تكن تحدث لو لا تسهيلات متنفذين بالسلطة

هزة أرضية تضرب الحدود العراقية – الأيرانية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram