حازم مبيضين تؤشر الاشتباكات (الطائفية بامتياز)، بين محلتي باب التبانة، التي يقطنها السنة وجبل محسن الذي يقطنه العلويون، في طرابلس الشام، إلى تزايد احتمال أن تنتقل الأزمة السورية، في بعدها الطائفي إلى لبنان، الذي ظل على مدى عقود، حديقة خلفية لما يجري عند جاره الأكبر والأقوى،
وإذا كان اعتقال الأمن اللبناني لشاب سني، بتهمة التواصل مع تنظيمات إرهابية، الشرارة التي أدت للاشتباك الذي أودى بحياة أربعة أشخاص، فإن المؤكد أن الاحتقان الطائفي، على خلفية الموقف مما يجري في سوريا، وجد الفرصة المناسبة للتنفيس، والإعلان عن نفسه بصوت الرصاص والبارود.معروف أن أغلبية أهالي طرابلس من الطائفة السنية، يؤيدون المحتجين ضد النظام السوري، ولا يتوقف هذا التأييد عند حدود المساندة اللفظية، بل يتعدى إلى تقديم المساعدات بكافة أشكالها، للسوريين الفارين من جحيم الأزمة التي تعصف بوطنهم، والمؤكد أن ذلك يستفز العلويين القاطنين في المنطقة ذاتها، وإلى حد التشكيك بمواقف رئيس الوزراء، المعروف بأنه صديق شخصي للاسد، لكنه يؤكد سعيه للحفاظ على موقف محايد مما يجري في سوريا، مؤكداً على علاقات لبنان القوية بدمشق، كما يؤكد على مصالحه الأوسع في العالم العربي، وهنا يبرز البعد الطائفي الخطير لما يجري في بلاد الشام، وينذر بصراعات طائفية تعصف بالمنطقة، خصوصاً بعد اصطفاف الحكومة العراقية إلى جانب النظام السوري، الذي يتهم الجماعات الإسلامية في لبنان، بدعم المسلحين الذين يقاتلون ضده، وبالتورط في هجمات بسيارات مفخخة ضد أهداف أمنية.ليس سراً أن ما يجري في سوريا أثار التوتر في لبنان، حيث يوجد حلفاء كثيرون لنظامها أبرزهم حزب الله، كما يوجد لها خصوم، ما زالوا يستذكرون ثلاثة عقود من الوجود العسكري السوري في لبنان، انتهت عام 2005، لكن آثارها ما تزال ماثلةً للعيان، وحيث تتأثر مجمل السياسات اللبنانية، حتى الداخلية منها، بما يجري في دمشق، التي تحتفظ بنفوذ مؤثر على العديد من السياسيين اللبنانيين، غير أن المثير للحنق أن الاصطفافات الأخيرة، مع النظام السوري أو ضده، تستند إلى تعصب طائفي، وليس إلى قناعات سياسية، مع أن حزب الله يواصل الإعلان أن وقوفه إلى جانب النظام السوري، نابع من كون ذلك النظام ممانعا ومقاوما، وليس بسبب علاقاته الوثيقة مع النظام الإيراني الذي يعتبر بحق المرجعية الفقهية والسياسية لذلك الحزب. ظل كل العقلاء يحذرون من البعد الطائفي لما يجري في سوريا، فقد تبرع شيوخ من السنة، في طول العالم العربي وعرضه، بتأييد مناوئي النظام ( العلوي)، ووصل الأمر ببعض المتعصبين من هؤلاء، حد الدعوة إلى حرب ضد الطائفة العلوية، بغض النظر عن القناعات السياسية لدى بعض أفرادها، وهي قناعات لم يعد سراً أنها ضد النظام القائم، لأسباب سياسية وعقائدية، وفي المقابل فإن النظام لجأ إلى تخويف الأقليات، ومن بينها الطائفة العلوية، من أي نظام جديد يمكن أن يصل إلى الحكم، على أنقاض النظام الحاكم، وليس سراً أن المتطرفين في بعض المناطق، استهدفوا العلويين على أسس طائفية، بغض النظر عن قناعاتهم السياسية. ما جرى في طرابلس بلبنان شرارة صراع طائفي، انتقل إليها من سورية رغم أي نفي لذلك، أو محاولات لطمس هذه الحقيقة، وفي ذلك مؤشر على ما ستؤول إليه أوضاع المنطقة إن لم يتم حسم الأمور في سوريا وبما يمنع انتقال أزمتها إلى خارج حدودها.
في الحدث :لبنان إذ يتأثر بما يجري في سوريا
نشر في: 14 مايو, 2012: 07:51 م