عباس الغالبيتتحدث الاحصائيات الحكومية في آخر تحديث لها عما نسبته 23% من الفقر العام ، وحوالي 5% ممن هم بمستوى الفقر المدقع ، أي ان حوالي ربع سكان العراق هم من شريحة الفقراء في بلد يقال عنه أنه يطفو على بحيرة من النفط .هذه النسبة المهولة في بلد مثل العراق يمتلك من الامكانات الاقتصادية ما لم تمتلكه بلدان متقدمة اخرى من حيث المقومات والعناصر القادرة على إحداث رخاء للفرد والمجتمع ، هذه النسبة تدعو للتساؤل والتوقف ملياً عند الوعود الحكومية الساعية الى خفض نسب الفقر عن طريق توجيه الدعم المنظم لمختلف القطاعات الاقتصادية
والخدمية واستهداف هذه الشرائح المجتمعية العريضة على وفق خطط وبرامج ومشاريع خدمية تكفل لهم الحياة الكريمة لاسيما انهم بحكم المعطيات التاريخية هم اكثر الشرائح المجتمعية استهدافاً وضرراً .وعند الامعان بنسبة الفقر بالقياس الى نفوس العراق التي تجاوزت حاجز الثلاثة والثلاثين مليوناً ، نرى انها كبيرة ليس بالحجم والعدد وانما بحجم الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية الاخرى ، حيث انها ترتب كاهلاً على مسارات الاقتصاد الخدمية من الممكن توظيفها لقطاعات ومحاور اخرى فيما لو كانت النسبة قليلة بالقياس للنسبة الحالية ، ولكن الذي يحدث الان هو ان النسبة ذاتها اذا لم تكن في حالة تصاعد بسبب انشغال الجهات التنفيذية والتشريعية بالخلافات السياسية من دون مراعاة لحجم المسؤولية الكبيرة تجاه هذه النسبة العريضة والواسعة كأولوية فضلاً عن الشرائح المجتمعية الاخرى ممن هم من ذوي الدخول المتوسطة وحتى الميسورة ، وهذا يمثل الملمح الرئيسي للمشهد الخدمي والاقتصادي في العراق .ولابد من الاشارة الى ان هذه الاحصائيات الحكومية تراها كثير من المنظمات الدولية والمحلية غير دقيقة وان النسب الحقيقة تفوقها بكثير ولاسيما نسبة الفقر العام البالغة 23% ، حيث ترى هذه المنظمات ان نسبة الفقر المدقع كبيرة وان ممن هم دون مستوى خط الفقر بأجمعهم يعيشون بمستوى الفقر المدقع ، ما يتطلب إزاء هذه الجدلية دعماً حكومياً عالياً وتخصيصات مالية كبيرة ترهق الموازنات السنوية وتحملها اعباء كبيرة غير منظورة .ولكن الصمت الحكومي إزاء معاناة الشرائح الفقيرة والاكتفاء بإجراءات خجولة لا تسد رمق الفقراء ولا تحقق العدالة الاجتماعية ذلك الشعار العريض للطبقة الحاكمة ، نقول ان هذه الاجراءات جعلت الحكومة بمنأى عن وعودها لهذه الشرائح المجتمعية ، وان الاستمرار بتجاهلها وبهذه الطريقة وفي ظل امكانات متواضعة للوزارات الخدمية تجعل الحكومة على المحك الحقيقي في مدى صدقيتها وتنفيذها لواجباتها الدستورية الحقة .الامر يتطلب جدية واعادة نظر في مجمل الخطط الموضوعة المتصدية لمشكلات الفقراء فضلاً عن الاستثمار الامثل للامكانات الاقتصادية المتاحة مع العمل على الاصلاحات لمجمل القطاعات الاقتصادية الاخرى سعياً لتكامل مسارات المعالجة وانعكاسها على هذه الشرائح المجتمعية المستحقة .
اقتصاديات :الفقر مدقعٌ بامتياز !
نشر في: 14 مايو, 2012: 08:11 م