علي حسينأضحك عندما أستمع إلى "مقربي المالكي" وهم يحذرون من أن العراق سيمر بظرف عصيب ، لو أن القوى السياسية أصرت على التغيير أو الإصلاح البلاد. يتحدثون كل يوم عن الكارثة التي تنتظرنا لو أن المنقذ تخلى عنا، متوهمون أنهم يقودون دولة فيما الواقع يقول اننا نعيش معهم عصر الفوضى السياسية كاملة المواصفات ..
أين هي مواصفات الدولة الناجحة التي يتحدثون عنها ، سياسيون يلعبون على وتر قلق الناس من الفوضى ، ويتصورون أنه يمكن إعادة إنتاج " القائد الأوحد في نسخة جديدة ".اضحك كلما يحاول البعض أن يصوروا لنا أنهم وحدهم القادرون على إنقاذ العراق من الكوارث ، وأنهم ماسكو العراق ولولاهم لانفرط عقده ، على حد تعبير رئيس الوزراء .ما أتعس أن تذرف الدموع كذباً دفاعا عن الأمان والاستقرار، متناسين ان تسع سنوات من الفوضى في البلاد أحرقت الأخضر واليابس ، سنقرأ بدءاً من اليوم مانشيتات صحف المقربين وهي تتباكى على عراق خال من قائد ضرورة .كل كتب التاريخ تعلمنا إن الدكتاتورية لا تبني دولا، مهما كانت الشعارات التي يرفعها أصحابها والأكاذيب التي يأتون بها.الاستقرار والرفاهية لا تأتي أبداً بالشعارات فهذه أدوات استخدمت لصناعة الدكتاتوريات والخراب، وعلى كل شبر من أرض العراق تلعن شواهد قبور ضحايا السجون السرية والمعتقلات والحروب العبثية.لا فرق بين صدام وسياسيي العصر الحديث، لأنهم كلهم يريدون تحويل العراق إلى سجن كبير وثكنة عسكرية، وإذا ظهر العسكر اختفت الحرية وظهر الرعب والخوف والدمار.صدام ترك العراق ملفعا بالحروب، والباكون على الكراسي يريدون العراق في حالة حرب دائمة، حرب بين طوائفه تهدد الحاضر وتغتال المستقبل.من سوء الحظ انه بعد سنوات ما يزال الكثير من سياسيينا يمارسون الخديعة والكذب، ومن سوء الحظ أيضا أن مسؤولين كبارا يتغنون بالديمقراطية كل صباح لكنهم لا يمانعون من الانقضاض عليها حين تتعارض مع مصالحهم الخاصة .تجربة الأعوام الماضية أثبتت حقائق كثيرة أهمها أن مسؤولينا لا يملكون ما يقدمونه لمستقبل البلاد ، حتى لو راهنوا على مخاوف الناس واحتياجهم الدائم للأمن، فهم يملكون فقط القدرة على التخريب والتدمير والتعطيل والعرقلة، وسرقة المال العام وإفساد الذمم. ما يجرى هذه الايام من تخويف الناس وترويعهم مرة بحجة الخوف من الانفلات الأمني ومرة بشعارات عن المظلومية والحرص على الطائفة، نظرة سريعة على المشهد الراهن تكشف بجلاء أن البعض يريد ان يكسر شوكة الاخرين من خلال تنفيذ مخطط لترويض الجميع على الاذعان للامر الواقع ، لتبدأ بعدها مرحلة التربص بالجميع من خلال سياسات متعمدة تستهدف الإجهاز على أي مطالب للإصلاح ، وحين تطالب الناس بالعدالة الاجتماعية ومحاسبة المفسدين نجد المقربين يهرعون لافتعال مجموعة من الأزمات السياسية المتلاحقة، تبدأ بالهيئات المستقلة ولا تنتهي بالدستور. والأمر ذاته حدث فيما يخص الأمن إذ جرى إذلال المواطنين أمنيا وأحيطوا بحزام مرعب من جرائم القتل والخطف وفقا لنظرية الانفلات الامني في حالة غياب القيادة الحكيمة، بما لم يترك مجالا لأحد لكي يفكر في موضوع الخدمات والإصلاح السياسي ، وبمعنى آخر يحاول المقربون أن يجعلوا من الاستقرار ثمنا للحصول على المكاسب والاستفراد في السلطة . يريدون ان يظهروا انهم حراس هذا الوطن والساهرون على أمنه واستقراره وانهم اعمدة الخيمة العراقية ومن ثم تصبح مناقشتهم والاعتراض على سياساتهم نوعا من التجديف، ومعارضتهم نوعا من الخيانة الوطنية، والمطالبة بالاصلاح السياسي وتقديم الخدمات ومحاسبة الفاسدين اقرب الى الزندقة والكفر وتخريب الاوطان أيها السادة المقربون: إن لم تكونوا متواطئين على تخريب حياتنا ، فالمؤكد أنكم فاشلون وعاجزون عن إدارة وطن ، وفي الحالتين نسألكم أما الصمت او الرحيل.
العمود الثامن: حين يقول المالكي : أنا أو الفوضى
نشر في: 14 مايو, 2012: 08:55 م