طارق الجبوريفي عالم السياسة لكل شيء حساباته بما في ذلك إطلاق التصريحات والغرض المراد منها، لذا فقد أثارت المزاعم الإيرانية بوجود إسرائيلي في إقليم كردستان استغراب الكثير خاصة في ظل حرص الإقليم على تطوير العلاقات مع الدولة الجارة.
لم يكن أمام حكومة الإقليم غير إدانة هذه التصريحات ومطالبة الخارجية الاتحادية بالطلب من إيران الكف عن مثل هذه الممارسات التي لا تخدم مصلحة أحد وهو إجراء طبيعي جداً واعتيادي، غير أن هذا الموضوع برمته، منح -كما يبدو للبعض -فرصة الإفصاح عما في دواخلهم تجاه الإقليم.فهؤلاء وهو أمر ليس بغريب بدلاً من الدعوة لاتخاذ موقف واضح يسيء لجزء من العراق الاتحادي، راحوا يفسرون الأمر بحسب عقليتهم المريضة والحاقدة، متخذين من قميص القضية الفلسطينية ذريعة لبثّ سمومهم من خلال كتابات موجهة نشرت هنا وهناك القصد منها صرف أنظار الشارع العراقي بشكل عام عن قضيته الأساسية المتمثلة بحماية ما تبقى من مظاهر الديمقراطية ووضع آليات تطويرها بضمانات تفضي إلى تغيير حقيقي وتؤسس لمرتكزات تعمّق النهج الديمقراطي وتضمن عدم تفريخ نظام مستبدّ نخسر فيه أعز ما كنا نتطلع إليه منذ سنوات طويلة وهو إقامة نظام تتحقق فيه العدالة للجميع وتحترم حقوقهم وتكرس فيه المواطنة بديلاً للمحاصصة بكل أنواعها. في كل الأحوال فإن تهمة العلاقة بإسرائيل ليست جديدة،فقد كانت سلاح البعض لتصفية معارضيهم ممن اعتادوا إلصاق هذه التهمة بكل من يخالفهم الرأي لتبرير أفعالهم الإجرامية،والشواهد على ذلك كثيرة. نحن مقتنعون بأن إقليم كردستان لا يحتاج إلى شهادة تزكية من أحد، إذ أن مواقفه معروفة وواضحة، فقد كان وما زال ملاذاً آمناً وحريصاً على ترجمة آمال العراقيين وتحويلها إلى واقع، كما أن مثل تلك المزايدات العنترية المتخذة من العداء لإسرائيل غطاءً لسياساتها المتقاطعة مع الشعب لم تعد تنطلي على أحد وباتت تجارة كاسدة. ونستغرب أن يلجأ بعض أدعياء الوطنية إلى إثارة موضوع ما يسمى "ثقافة التكايا المنتشرة في إقليم كردستان" ليربطها بشكل مستهجن بما أطلق عليه بـ "الازدواجية المبطنة" ويسرح في خياله المريض أكثر ليحاول تشويه صورة علاقة الأطراف الكردية بالتيار الصدري والمجلس الأعلى عندما يقول "يميلون (ويقصد القيادات الكردية) في الظاهر لإظهار تعاون مشوب بالحذر مع التيار الصدري والمجلس الأعلى ولو تكتيكياً بحجة تخوفهم من التيار السلفي الوهابي الذي تدعمه السعودية". وهنا يفضح هؤلاء أنفسهم حيث أن الإقليم مبنيّ على قيم التسامح والتآخي التي لا يسمح لأحد التجاوز عليها كما لا يمكن لأحد أن يصدق أن التكايا تموّل من السعودية لأسباب معروفة، من أولها اختلاف المفاهيم بين قيم التصوّف عن الأخرى السائدة في المملكة. لا نريد أن ندخل في تفاصيل أكثر غير أننا نذكّر البعض بأن المرحلة التي نمرّ بها صعبة وأن مثل هذه الخطابات لا تخدم العراق وشعبه، بل تسهم في إضعافه وهو ما لا يريده أي وطني لأنه لا يخدم سوى أعدائنا فقط.
كردستانيات: مزايدات لاطائل منها!
نشر في: 15 مايو, 2012: 06:57 م