حازم مبيضين حملت الأنباء خبر سقوط خمسة وسبعين قتيلاً امس الاول الثلاثاء في سوريا, رغم انتشار المراقبين الدوليين في مناطق التوتر مثل خان شيخون التي يقول معارضو النظام إن نصيبها كان 28 قتيلاً سقطوا عندما أطلق الجيش النار على مشيعين هناك بحضور المراقبين. الذين قال أحدهم إن الرصاص انصب على المكان الذي كان يوجد به المراقبون في خان شيخون من كل صوب، وأن المراقبين هم بحماية المدنيين والجيش الحر, في حين أعلنت وثيقة داخلية للأمم المتحدة إن ستة مراقبين تحت حماية المعارضين في بيئة صديقة,
ويعني ذلك بكل بساطة أن المراقبين باتوا عرضة كبقية السوريين للقتل المجاني بغض النظر عن هوية القاتل, وبما يعني أن هناك محاولات جادة وحثيثة لتحويل المراقبين إلى شهود زور.لسنا معنيين بالتأكيد بالاتهامات المتبادلة بين الحكومة السورية ومعارضيها, عن المسؤولية في الهجوم على المراقبين, بقدر ما نحن معنيون بمراقبة تأثير وجودهم على الأوضاع التي تواصل التدهور, مع استمرار العداد في إضافة أرقام جديدة مرعبة عن عدد الضحايا الذين يتساقطون يوميا, والواضح حتى اللحظة أن لا أثر إيجابياً لتجوال القبعات الزرقاء في أرجاء سوريا, وأن هذا التواجد ليس أكثر من ديكور عاجز عن تجميل الصورة, وهو مرشح لأن يكون بعض هذه الصورة, وأن تنضاف دماء بعض المراقبين, لتزيد مساحة اللون الأحمر على خارطة بلاد الشام.كنا نتوقع وما نزال أن تتحلى البعثة الأممية إلى سوريا بشجاعة, تمكنها من الإعلان عن الذين يستهدفون إفشالها, وإذا كان أفرادها العسكريون يستحقون الإشادة, على مخاطرتهم بالتواجد في نقاط التماس الحربية, فإن على المستوى السياسي أن يستمد من شجاعتهم, ما يؤهله للقول إن هذا الطرف أو ذاك هو من يعرقل المهمة, ويسعى لافشالها, صحيح أننا لم نفقد حتى اليوم واحداً من المراقبين الشجعان, لكن علينا توقع ذلك في كل لحظة, وصحيح ان دمهم ليس أغلى من دم السوريين, الذين تجاوز عدد ضحاياهم العشرة آلاف, لكن هؤلاء سواء كانوا معارضين, أو من أجهزة النظام, سقطوا دفاعاً عن فكرة أو مصلحة, أما المراقبون العسكريون الأمميون, فانهم يؤدون واجباً إنسانياً نتوقع من الجميع احترامه, بمن في ذلك المستوى السياسي المسؤول عنهم.بالتأكيد ليس مفيداً لا للمعارضين ولا للنظام أن تفشل البعثة الدولية في أداء مهمتها, لأن ذلك سيعني بالتأكيد اندلاع حرب أهلية, ليس سراً أن بوادرها تبدو ماثلةً للعيان, مثلما سيعني انزلاق سوريا إلى هاوية التقسيم والشرذمة وسيادة الطائفية, وإذا أحسنا الظن فإن طرفي الصراع لا يرغبان بالوصول إلى هذا الدرك الأسفل, ولعل علينا هنا البحث عن يد ثالثة خفية تعبث بالوضع السوري لغير صالح الشعب, ولا يعني ذلك اقتناعنا بالاتهامات التي يوجهها النظام لأطراف خارجية, بأنها وحدها المسؤولة عن الوضع الراهن, في حين ينكر أن هناك مطالب شعبية مستحقة الوفاء, كما لايعني إنكارنا للتدخلات الخارجية لصالح النظام وضده في آن معاً.أن تتحول مهمة المراقبين الأممين في سوريا, إلى حالة دفاع عن النفس ضد قوىً خفية, فتلك مهزلة ومأساة في الوقت عينه, تستدعي منهم الانسحاب من تلك الساحة المشتعلة, وليس في ذلك مصلحة لأحد, حتى لو توهم اليوم ذلك.
في الحدث :سوريا والمراقبون الدوليون.. ماذا تغيّر ؟
نشر في: 16 مايو, 2012: 07:32 م