ميسان/ المدى مجموع تبرعات أقارب وأصدقاء أبو زياد إضافة للمبلغ البسيط الذي أدخره من رواتب الوظيفة لم تغطّ إلا نصف أجور العملية الجراحية التي أجريت لابنته البكر ذات العشرين ربيعا لاستئصال ورم خبيث في رأسها قريبا من الدماغ، ما تطلب الإسراع بإجراء العملية في مستشفى أهلي بمحافظة البصرة.
ويقول طارق عبد اللطيف، الموظف في مديرية توزيع كهرباء ميسان، لـ"المدى": إن ابنته "عانت طوال أشهر من ألم في الرأس مع خدر وتورم في يدها وساقها اليسرى، وظلت تراجع طيلة تلك الفترة أطباءً كثرا في ميسان، لكنهم لم يفلحوا بتشخيص حالتها إلا بعد أن تفاقمت حالتها".ويبين "أشار أحد الأطباء إلى ضرورة إجراء الفحص الشعاعي لرأسها بجهاز المفراس الذي كشف عن ورم في الرأس"، مضيفا "الطبيب نصحنا بأخذها إلى البصرة لإجراء العملية وهذا ما حصل".عبد اللطيف أوضح أن "تكاليف العملية وأجرة الطبيب والمبيت ليومين في المستشفى تجاوزت الستة ملايين دينار ناهيك عن أجور السفر والتنقل"، مبينا "اضطررت إلى تقبل مساعدات الأقارب والأصدقاء ولكنها مع ذلك لم تكف، ما دفعني إلى اقتراض مبلغ من بعض معارفي لتسديد التكاليف، ثم اقترضت مبالغ أخرى لتوفير متطلبات الذهاب بابنتي إلى بغداد لاستكمال العلاج الذي استمر لنحو شهرين وتضمن جلسات عدة للكي والحقن الكيمياوية".وتابع بالقول: "برغم أن العلاج كان مجانيا في بغداد إلا أن تكاليف الذهاب والإياب كل أسبوع والإقامة في الفندق طيلة مدة العلاج اضطرتني لاستدانة مبالغ إضافية"، مستدركا "كل ذلك ليس بالمهم، الأهم أن ابنتي شفيت وحالتها مستقرة الآن، ولكنني غارق بالديون التي تؤرقني ليل نهار برغم كرم الدائنين وعدم مطالبتهم لي بالسداد ولكنني خجل وأنا بانتظار إطلاق سلف الموظفين لأتمكن من تسديد بعضها على الأقل".من جهته، لم يتمالك الشاب أحمد نفسه وأجهش في البكاء وهو يسرد لـ"المدى" قصة والده الذي توفي جراء سرطان الرئة قبل أسابيع، موضحا أن أباه الذي لم يتجاوز الخمسين من العمر لم يشأ أن يربك حياة أفراد عائلته الفقيرة بإخبارهم بمرضه فجاهد لكتم إصابته بسرطان الرئة عنهم إلى أن استفحل المرض وألزمه الفراش.ويضيف أحمد "والدي كان كاسبا بسيطا، ونحن عائلة مكونة من ثلاثة أبناء ما زلنا طلبة وشقيقتنا الوحيدة مع أمنا، نسكن في دار بالإيجار وبالكاد يتدبر والدنا المعيشة وطيلة فترة مرضه الذي سببه التدخين المفرط كان يطمئننا بأن نوبات السعال التي تكاد تخنقه هي مجرد (كحة) بسيطة، رافضا زيارة الطبيب، حتى استفحل المرض عليه".ومضى يقول: "ذهبنا به للمستشفى الحكومي فاخبرونا أنه مصاب بسرطان الرئة وحالته في مرحلة متأخرة لا ينفع معها العلاج، والأفضل العودة به إلى البيت وترك أمره لله وهكذا توفي والدنا بعد أسابيع قليلة".ويذكر أحمد أن أشد ما يؤلمه هو حالة الفقر والعوز التي يعيشونها والتي دفعت أباه إلى التكتم على مرضه لكي لا يسبب لهم الحرج والاضطرار للاستدانة أو التذلل وطلب المساعدة لتدبير المال اللازم لعلاجه.ويوضح بهذا الصدد "الكثير من الفقراء المصابين بالسرطان لا يتمكنون من تدبير تكاليف السفر إلى بغداد لتلقّي العلاج الذي يتطلب كما سمعت من البعض شهورا عدة، ويضطرون إلى التكتم على مرضهم بانتظار الموت كي لا يحرجوا ذويهم ويضطروهم لاقتراض المال أو التسول من الآخرين، علما أن الأمراض السرطانية أخذت بالانتشار هنا".وتساءل أحمد "أليس من المفترض في بلد غني مثل العراق أن تكون هنالك مراكز ومشافٍ متخصصة بالأورام السرطانية في كل محافظة للتخفيف عن كاهل المرضى وذويهم".ويعاني مرضى السرطان في ميسان عموما من افتقار المحافظة للمؤسسات الصحية الخاصة بعلاج الأورام السرطانية، ما يضطر الكثير منهم لتحمل نفقات السفر إلى بغداد، إضافة لتكاليف الأدوية الباهظة الثمن بسبب عدم انتظام تأمينها في المؤسسات الحكومية.ويعزو رئيس لجنة الصحة والبيئة في مجلس المحافظة ميثم لفتة الفرطوسي ذلك إلى عدم توفر التخصيصات اللازمة لتحسين الواقع الصحي.ويؤكد الفرطوسي لـ"المدى" أن السنوات الأخيرة شهد انتشارا واسعا للأمراض السرطانية في ميسان، مؤكدا أن الحالات المسجلة لدى الدوائر الصحية فقط تجاوزت الـ800 حالة، مرجعا أسباب الانتشار إلى المحرومية الكبيرة التي تعانيها المحافظة.وفيما لا يمنح هذا المرض الخبيث فسحة انتظار لضحاياه من الفقراء والمعدمين تسعى الحكومة المحلية للتصدي لهذا الملف على محورين يتمثل الأول بمنح المرضى المعوزين مساعدات مالية بسيطة أو تكفل علاج البعض منهم، إذ تواظب لجنة التكافل الاجتماعي في مجلس المحافظة على توزيع منح لا تتجاوز 150 ألف دينار لكل مريض بين فترة وأخرى بهدف المساعدة في تأمين مستلزمات العلاج.أما المحور الثاني فيتمثل بالتوجه لبناء مراكز تخصصية لمعالجة الأورام السرطانية، إذ تم قبل أيام وضع حجر الأساس لمركز تخصصي في قضاء الميمونة كما يتضمن المستشفى الجراحي الذي تقوم إحدى الشركات التركية بتنفيذه في مركز المحافظة قسما خاصا بالأورام السرطانية ومن المؤمل إنجازه في مست
تزايد أعداد المصابين بالسرطان في ميسان

نشر في: 16 مايو, 2012: 07:43 م