عالية طالب في عمودنا السابق اشرنا إلى العلاقة اللامتوازنة بين رئيس جامعة النهرين وطلابه والتي أنتجت حادثة لا تمت للواقع الأكاديمي بصلة لا من قريب ولا من بعيد، ويبدو أن ما كتبناه قد اوجب حقا "موضوعيا" للحديث عن جامعة علمية مهمة مثل الجامعة التكنولوجية التي قدر لابنتيَّ أن تدرسا فيها، الأولى قبل 2003 والثانية في المرحلة الثانية الآن في هندسة المواد.
هذا الحق الموضوعي جاء من استعراضي التذكيري لما عانته ابنتي الكبرى حراء سلمان في هندسة السيطرة والحاسبات من واقع نفسي مرتبك ومؤلم طوال سنوات دراستها بسبب العلاقة المتشنجة دائما ما بين التدريسي والطالب والتي بسبب رواسبها الكبيرة أنتجت عائقا كبيرا أمام إكمال دراستها العليا، وهي حين تتحدث عن تلك السنوات تشعر بالغصة لما تسرده لها "حرير سلمان" الابنة الثانية وهي تصف تفقد رئيس الجامعة لكل الأقسام يوميا بوجه أبوي مبتسم وبإصرار على تجميل كل الحدائق بالورود وتجديد كل الأقسام بعمران حديث يتلاءم مع جامعة مهمة تأسست عام 1975 تحت اسم المعهد الصناعي لتكون الجامعة الوحيدة المتخصصة بالدراسات العلمية والهندسية، والتي ترفد البلد سنويا بكفاءات متميزة تقدم الكثير لعراق يستحق الكثير.منبع غصة ابنتي الأولى هو افتقادهم كطلبة ما قبل 2003 إلى العلاقة النموذجية الأبوية المطلوبة ما بين التدريسي والطالب رغم أنهم في ذلك الوقت لم يكونوا يعانون من البحث عن الوظيفة بعد التخرج كما هو حاصل الآن، بل كان التعاقد معهم للعمل في وزارات الصناعة والتصنيع يتم وهم في المرحلة الأخيرة قبل تخرجهم لمن يرغب منهم في ذلك، ومن لا يرغب فأنه سيجد عند تخرجه تعيينا مركزيا يوزعه حسب حاجات الوزارات إلى تخصّصاتهم المهمة وهو ما جعل ابنتي الكبرى معيدة في جامعة بغداد التي وجدت فيها اختلافا ايجابيا جذريا عن التكنولوجيا في ذلك الوقت العصيب، ومع كل الحوارات التي اسمعها منهما اشعر بفرح "حرير" وهي تمدح جامعتها وتحبها وكأنها بيتها الثاني الحقيقي وأساتذتها وكأنها إباء وأخوة وتفرح وهي تراقب رئيس جامعتها في جولاته التفقدية "الأبوية" اليومية لكونه جزءا من مؤسسة مهمة لها تأثير قوي في تحسين واقع العراق وتطويره في نواحي متعددة.وحين راجعت ملفاتنا الإعلامية توقفت عند لقاء أ.د. أمين دواي رئيس الجامعة التكنولوجية مع النائب الفني لمحافظ بغداد وهو يؤكد على أن الجامعة تسعى بتوجهاتها الجديدة بأن يكون لها دور في إعمار البلد في المستقبل القريب من خلال المساهمة الفعلية في مشاريع محافظة بغداد التي أقيم بعضها داخل الجامعة التي تضم جميع التخصصات التي يحتاجها البلد لانجاز أي مشروع عمراني، كم هو رائع ان تعمل جامعاتنا على الاستفادة من طاقات طلابها في مجالات العمل المختلفة التي يحتاجها العراق اليوم بلا إبطاء، وكم هو رائع أن تفكر جامعاتنا بفتح منافذ عمل لطلابها بعد تخرجهم من خلال إيجاد أرضية حقيقية لتنفيذ المشاريع المختلفة مع الدوائر المعنية، وكم هو جميل وأكاديمي حقيقي حين نبني علاقات متينة مبنية على الاحترام والثقة وبناء شخصية الطالب "قائد" البلد في القادم من الأيام بإذن الله.
وقفة :الجامعة التكنولوجية والعلاقة الأكاديمية الحديثة
نشر في: 16 مايو, 2012: 07:48 م