هاشم العقابيخطاب السيد رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر يوم المقابر الجماعية كان مهما، لا بل ومهم جدا. ومن باب الموضوعية والإنصاف، وجدت في الخطاب نقاطا ايجابية، لم تفرحني بل وشجعتني أيضا على ان أقول أشياء كنت أتجنب قولها من قبل لأكثر من سبب.
صفقت للمالكي رغم اني لم اكن حاضرا بين الجمع الذي استمع لخطابه، حين انتقد البعثيين انتقادا موضوعيا لانهم لم يقدموا لحد الآن اعتذارا عما ارتكبوه من جرائم بحق العراقيين في أيام حكمهم. تشخيص دقيق لغياب ثقافة الاعتذار التي لو اعتمدها البعثيون وغيرهم لعادت عليهم بالنفع الكبير. لكن أنّى للطاغية ان يعتذر؟ فلو اعتذر لانتهى ان يكون متغطرسا او جبارا.الاعتذار ثقافة وسلوك. وعلى من يدعو غيره للتحلي به ان يتحلى به هو اولا، على قاعدة "لا تنه عن خلق وتأتي بمثله". واني هنا بنية خالصة ادعوا السيد المالكي ان يعتذر ايضا حتى يقترن قوله بفعله. فان فعلها سيسن سنة حسنة يذكرها له تاريخ العراق بكل فخر. هناك قضيتا قتل. احداهما سبقتها عملية تنكيل وتعذيب علني لعراقي إعلامي لم يكن له ذنب غير انه صدق الدستور وآمن به فمارس حقه بحرية التعبير. نعم انه الشهيد هادي المهدي. وان كان هناك من يرد علي بان المالكي تحدث عن مقابر جماعية وليس فردية، فاقول له ان المالكي بنفسه استشهد في خطبته الأخيرة بقوله تعالى: "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا". فالقتل كما الظلم لا يختلف ان شمل شخصا واحدا او عم الناس جميعا. وهذا ليس كلامي بل كلام الله. أليس كذلك؟لقد هجمت القوات "الامنية" التي يقودها السيد المالكي على الشهيد قبل موته ومعه مجموعة من خيرة الشباب الإعلاميين وضربوا وأهينوا أمام الناس بأبشع أساليب الضرب والهمجية. حتى ان احد المثقفين العراقيين هرع مذعورا لوسائل الاعلام ليعلن، وهو على حق، بان التنكيل العلني لم يمارس من قبل صدام وأعوانه في ايام حكمه. خرج الشهيد وزملاؤه من المعتقل واعلنوا قصتهم على الناس. لم تهتم الحكومة ولم يخرج المالكي ليعتذر عما ارتكبته قواته من جريمة بشعة بحق ابناء الشعب.وبعد تلك الجريمة صارت رسائل التهديد بالقتل تنهال على هادي المهدي، فكتب للسيد المالكي مستغيثا ومستجيرا به. فلم يجبه احد. ثم قتل وحيدا بدم بارد ولم تصدر من الحكومة ولا رئيسها ردة فعل إنسانية واحدة. اعرف بان الاعتذار لن يحيي هادي المهدي ولا يخلص أطفاله من اليتم، ولا زوجته من الترمل ولا أهله من لوعة الفراق والقهر، لكنه، على الأقل، سيرينا حاكما يحترم شعبه وانه يطبق على نفسه ما يطلبه من غيره. انها فرصة للمالكي قبل غيره ان يثبت للعراقيين بان زمن صدام والبعثيين قد ولى وان الحديث عن عودة الدكتاتورية ليس صحيحا.لقد فتح الحاج أبو إسراء شهيتي على ان ألزمه بما ألزم به نفسه. لذا فان لي حديثا عن قتيل عراقي آخر يتطلب وقفة اعتذار. لا من المالكي، فقط، بل ومن حزب الدعوة أيضا. غدا سيكون لي عنه حديث.
سلاما ياعراق : قراءة في خطاب المالكي (1)
نشر في: 18 مايو, 2012: 06:46 م