TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > عينكم على قانون الانتخابات!

عينكم على قانون الانتخابات!

نشر في: 18 مايو, 2012: 06:50 م

مشرق عباس لا يكاد أحد يفكر بـ "قانون الانتخابات" بل بمواجهات السياسيين وتسابق البرلمانيين إلى استعراض إمكاناتهم في توجيه الشتائم وردها وتدليس الحقائق ونسيان الوظيفة الأساسية لهم في تشريع كم هائل من القوانين المؤجلة التي تشكل عصب الدولة ومستقبلها ، واستدراج وسائل الإعلام إلى فخ المناكفات السياسية.
الحديث عن "قانون الانتخابات" ليس مبكراً كما قد يدعي البعض ، بل هو متأخر جداً ، لأن الطبقة السياسية المنتشرة اليوم نجحت في تحويل آليات الانتخاب إلى مناسبة موسمية خاضعة لظروف الأحزاب نفسها ، ما يستدعي في كل مرة إعداد قانون جديد يتلاءم مع توافقات القوى ، التي بدورها ستختلف على كل شيء لكنها تتفق في النهاية على قانون انتخابي يضمن بقاءها في مواقعها.عندما جربنا قانون انتخابات العام 2005 بدائرة واحدة وقائمة مغلقة واحدة كانت القوى المكوناتية بمعرض ترسيخ وجودها كممثلة للمكونات الثلاث الرئيسية (سنة وشيعة وكرد) ، وكان النظام الانتخابي مثالياً لتكريس التمثيل المكوناتي بدقة لكنه يبتلع حقيقتين أساسيتين ، الأولى :إن القانون يدعم التكتلات الكبيرة والزعامات الكبيرة الموجودة على الساحة أصلاً ، والثانية :إن القانون يسلب حق المواطن في اختيار من يمثله كشخص وليس كحزب سياسي.وعندما ارتأت الأطراف السياسية تغيير القانون مع انتخابات العام 2010 اختارت نظام القائمة شبه المفتوحة وتقسيم العراق إلى 18 دائرة انتخابية حسب المحافظات مع حق خجول باختيار نائب واحد يتيم من بين 325 نائباً.سلبيات هذا القانون غلبت على إيجابياته ، فسلبت كل إمكانات فوز أحزاب وتجمعات صغيرة ، وتعاظمت سطوة القوى المكوناتية حتى أفرغت البرلمان من أي لون مختلف ، فيما كان الناخب حائراً في آلية انتخاب معقدة وحسابات مرتبكة سمحت بتكدس الأصوات لدى 5 شخصيات سياسية وصعود ثلثي أعضاء البرلمان الحالي من دون استحقاق انتخابي.وعلى رغم الخلافات المتأصلة في الساحة السياسية إلا أن الأطراف المستفيدة من قانون الانتخابات هي في الحقيقة الأطراف الموجودة في البرلمان وليس خارجه وأنها ستحرص بالضرورة على إدامة هذا الوجود عبر قانون انتخابات العام 2014.الواقع إن قانون الانتخابات ليس قماشة تفصلها الأحزاب في كل مرة على قياسها ، بل أن الكثير من دساتير العالم تضمنت تثبيت قوانين الانتخابات في نصوصها للسماح بفرص متساوية على المدى البعيد.واليوم مازال التساؤل مطروحاً عن أسباب توافق القوى السياسية العراقية على إبقاء قضية اختيار قانون ثابت وواضح وعادل للانتخابات العامة وانتخابات المحافظات رهينة توافقات اللحظات الأخيرة ما قبل الانتخابات نفسها.والتساؤل يعبر إلى منظمات المجتمع المدني والقوى الشعبية ووسائل الإعلام في تمرير هذه "الخديعة" الكبرى على الوعي الشعبي المرتبك.يحصر الخبراء نوعين من القوانين الانتخابية يتلاءمان أو يقتربان من تغطية ما يسمى "الدول المنقسمة إثنياً وطائفياً" أحدهما يتضمن التمثيل النسبي الذي يسمح بتمثيل ثابت وحسب النسب السكانية للإثنيات المختلفة ، ويدعي أنصار هذا التوجه انه يحسم الخلاف حول الوزن ويخفف حدة الصراع بين المكونات من خلال تطمينها على وجود دائم في قلب السلطة.والنوع الآخر يفترض عكس ذلك تماماً فيذهب إلى أن حل أزمات الدول المتنوعة إثنياً يكمن في إسهام قانون الانتخابات في فتح باب التحالف الإجباري بينها ليكون وسيلة لتغيير الخطاب الثقافي لهذه الإثنيات ، ما يفرضه تعدد واسع للدوائر الانتخابية من جهة وفرض حصول المرشحين الفائزين على الأغلبية المطلقة من الناخبين ويتطلب من الأحزاب تحالفات مناطقية حتى مع خصومها وبالتالي نمو أحزاب عابرة للطوائف.الحقيقة إن مفهوم "الانقسام الاجتماعي الإثني أو الديني أو الطائفي" يكاد يكون سمة تجمع الكثير من الدول سواء تلك التي قطعت أشواطاً طويلة في المسيرة الديمقراطية أو الحديثة العهد بهذه المسيرة.واختيار النظام الانتخابي الملائم لأي بلد يعاني الانقسام يتطلب دراسات تتجاوز خبرة برلماننا الحالي أو الذي سبقه ، ويستدعي دراسات مستفيضة ترتبط بتحديد فلسفة الدولة وغاياتها.فإذا كانت فلسفة العراق تتجه إلى الحفاظ على الانقسامات الحالية في حدود تجنب الصدام ، يجب المضي قدماً نحو اختيار نظام انتخابي يطمئن الكيانات الاجتماعية القلقة ، وإذا كانت الفلسفة تذهب إلى تجسير الانقسامات وترسيخ قيم التعايش خارج مفهوم المكون ، فإن من الضروري تبني نظام انتخابي يمثل تلك الفلسفة.ولا تجنٍ في القول إن قوانين الانتخابات التي شهدها العراق سواء على مستوى الحكومات المحلية أو البرلمان ، كانت تمثل على الدوام فلسفة الأحزاب القائمة والموجودة ومصالحها حسب.ومن دلالات هذا الاعتقاد أن القوى السياسية مازالت منذ نحو 6 سنوات متفقة على عدم إجراء الإحصاء السكاني الشامل الذي يمكن على أساسه فقط تنظيم آلية انتخابات تشكل التمثيل الأكثر صدقية للناخب ، وتحميلها محافظة عراقية واحدة هي "كركوك" جريرة هذا التأخير غير المبرر.أعيننا يجب أن تتركز في هذه المرحلة على قانون الانتخابات ، يجب سحب بساط التضليل من القوى السياسية ، عبر شروع المنظمات المدنية والقانونية والدستورية ووسائل الإعلام الم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram