أحمد عبد الحسينضحك علينا صالح المطلك، أقنعنا قبل شهر تقريباً أن المالكيّ ديكتاتور طاغية. وأورد على ذلك حججاً وشواهد، وتكلم عن الأمر كثيراً حتى آمنّا بما قال، فنحن لم نكن منتبهين حقاً، لم نكن نعرف أن الوزارات الأمنيّة كلها بيد السيّد المالكيّ حتى أخبرنا المطلك، كنا غافلين عن أن المالكيّ قمع تظاهرات الشباب في التحرير لو لم يقل لنا الأستاذ المطلك،
ولم يخطر في بالنا أن الهيئات المستقلة لم تعد مستقلة، بل لم يخطر في بالنا ـ حتى في سرّ السرّ ـ بأن القضاء صار ألعوبة في يد شخص واحد، لولا أن ينبهنا المطلك إلى ذلك، وحياتكم.. لم يكن يهمنا مدير مكتب المالكيّ إن كان اسمه أحمد أو طارق أو عبود لكنه ظلّ يوسوس لنا ويهمس في آذاننا إلى أن رحنا نسأل ونستقصي هل في مكتب المالكيّ أقارب له أم لا؟ وما شأننا نحن بذلك كله لولا أن ينزغنا المطلك بنزغه وفاتنا أن نستعيذ بالله منه، فنحن قبل تصريحات المطلك إلى صحف غربية كنا نرفع صور الأستاذ المالكيّ علامة على النزاهة والإخلاص والديمقراطية والزهد، لكنّ ما قاله المطلك عن رئيس وزرائنا غسل أدمغتنا، غيّر تفكيرنا، فصدّقنا أن أبا إسراء ديكتاتور وأنه مستبدّ ولا يريد أن يترك الكرسيّ حتى يشعل فتنة لا أول لها ولا آخر.ضحك علينا الأستاذ نائب رئيس الوزراء، فهو بعد أن أقنعنا بذلك كله وأجلب علينا بخيله ورجله وأسكرنا وجرى كلامه فينا مجرى الدم في العروق، أخرج لنا لسانه ضاحكاً علينا ساخراً منا ليقول لنا الحقيقة التي كان يضمرها، قال المطلك أمس إن المالكيّ رجل مهنيّ وإنه نزيه، وهو ليس بديكتاتور ولا هم يحزنون.أين نخبئ وجوهنا من السيّد المالكيّ الآن؟ كيف سنتصرّف؟ هل يكفي أن نقول له إن نائبك أدار رؤوسنا بكلامه فصدقناه؟ هل نطلب منه العفو والمغفرة على ما ألقاه في أفواهنا السيّد المطلك في ساعة شيطانية جعلتنا نردّد ما قاله دون تدبّر؟ وكيف حدث أننا صدقنا أن المالكيّ رجل أزمات، وانه لا يستطيع أن يعيش إلا بأزمة تعقبها أزمة؟ كيف انجررنا وراء كلام المطلك فقلنا إن رئيس وزرائنا غضّ النظر عن فساد بعض مقربيه، وانه ـ كما قال المطلك ـ مسنود من بعض دول الجوار التي لا تريد بالعراق خيراً؟ظهر أن الرجل نزيه ومهنيّ، ولم نخرج نحن من هذه المعمعة التي أدخلنا بها المطلك إلا بسواد الوجه مع رئيس حكومتنا، والآن يبدو لي أن الأمر كله كان باتفاق بين الاثنين، بين المالكيّ ونائبه ليعرف المالكيّ أعداءه من أصدقائه، ووقعنا نحن في الفخّ.سامحك الله يا صالح المطلك، جعلتَنا نقول إن الرجل ديكتاتور، وأخذنا غيبته وحملتنا إثماً فوق آثامنا ثم خرجت أنت وإياه تضحكان علينا.نعرف أنكما تحبان المزاح. لكنّ هذه المزحة ثقيلة يا نائب الرئيس فقد أخجلتَنا والله مع دولة الرئيس الذي لن يشككنا بعد الآن أحد بنزاهته ومهنيته. وانتبه مرة أخرى لمزاحك فقد يكون مؤذياً يا نائب الرئيس!
قرطاس: مزحة صالح المطلك الثقيلة
نشر في: 18 مايو, 2012: 06:53 م