حازم مبيضيننقف بالتأكيد مع حق الكرد السوريين في تقرير مصيرهم, لكننا كنا على الدوام نتمنى سعيهم إلى تثبيت انتمائهم القومي, ضمن وطنهم الذي نريده جامعاً لكل الإثنيات والطوائف, ضمن هوية وطنية تسمو على كل ما عداها, مثلما نؤمن بحق الكرد أينما تواجدوا بتقرير مصيرهم, على ألا يكون ذلك ضمن سياسات معادية للأمم التي عاشوا معها,
حتى لو كانوا تعرضوا لظلم من حكامها, الذين يعرف الكرد أنهم لم يخصوهم بذلك, وإنما وزعوه بالتساوي بين جميع مكونات الشعوب التي ابتليت بهم حكاماً دكتاتوريين, لكن أن يصل الأمر إلى حد الدعوة إلى تقسيم الوطن إلى أشلاء, فتلك دعوة قاصرة عن فهم تاريخ ومصير الشعوب والأمم, وليس أقل من وصفها بالشوفينية التي حاربناها ونحن ننتصر للكرد, ونحاربها حين يتبناها كردي يزعم أنه قيادي عند كرد سوريا.يمتلك المعارض الكردي السوري شيركو عباس الحق, في انتقاد محاولات الإدارة الأميركية, لحمل أبناء قوميته على الانضمام إلى المجلس الوطني السوري المعارض والعمل معه, لكنه يجانب الصواب ومصلحة وطنه, حين يدعو من على منبر صحيفة إسرائيلية, إلى تفكيك سوريا إلى كيانات إثنية, لكسر الحلقة بين سوريا والهلال الشيعي الذي تقوده إيران, في محاولة بائسة ومكشوفة لاستدرار العطف الإسرائيلي الغربي, وهو لذلك يستطرد مفصلاً بأن مثل هذه الأقاليم ( كردية ودرزية وعربية سنية ), لن تكون لها مصلحة في التحالف مع إيران، ويضيف إلى دعوته المشبوهة هذه, دعوة إلى أن تكون سوريا فيدرالية, لتفادي إمكانية قيام دولة إسلامية سنية, لن يرضى عنها الغرب وإسرائيل, وبالتالي فإن من الضروري تقسيم سوريا الى اشلاء, تجمعها فدرالية وظيفتها أن تكون منطقةً عازلةً طبيعيةً, بين إسرائيل وقوى الإسلام السياسي, سنياً كان أو شيعياً على حد سواء. لا نناقش في حق الكرد السوريين في النظر بريبة إلى المجلس الوطني المعارض, الذي تبرع رئيسه في وقت مبكر برفض وجود إقليم كردستان سوريا، ودعاهم إلى التخلي عن ( وهم الفيدرالية ) الذي لا طائل منه, ما دعا من انضم منهم إلى المجلس في أيامه الأولى إلى الانسحاب من هذا التجمع، بعد أن فقدوا الأمل في الحصول على أي التزام بمنحهم حكماً ذاتياً في حال تغيير النظام القائم, في حين ذهبت قيادة المجلس إلى القول, إن قضية الكرد السوريين لا يمكن ان تُحل إلا في سياق الديمقراطية بعد سقوط النظام, ولعل من حق الكرد السوريين التعامل بحذر مع الانتفاضة ضد نظام الأسد, الذي يتهمونه بظلمهم وحرمانهم من الجنسية, ونقل عائلات عربية إلى مناطقهم لقطع تواصلهم الإقليمي, ومنعه اللغة الكردية, ومحاربته ثقافتهم القومية, ولكنهم مع كل ذلك لا يرون في معارضي نظامه بشكلهم الحالي, حرصاً على رفع هذا الظلم, فيما لو قيض لهم الوصول إلى السلطة, وأن واجبهم الأساس اليوم هو حماية مناطقهم, وليس الانخراط في الانتفاضة, التي يرون فيها معركة بين النظام وتحالف يضم الحكومة التركية والإخوان المسلمين.صحيح أن المعارضة السورية لا تتحدث اليوم, وفي خضم المهام التي تسعى لإنجازها, عن قضايا كردية, ولا تتحدث عن ضرورة حماية حقوق الكرد أو اقامة كيان كردي ضمن أي سوريا جديدة, لكن ذلك لا يبرر لعباس دعوته لتمزيق سوريا الى "أشلاء", فقط ليقول إنه معني بحل القضية الكردية, ويبدو أن لا فرق لديه إن كان هذا الحل على حساب وطن قسمه على هواه معتبراً حتى الدروز قومية أخرى مع أنهم من عرب أقحاح, هذا إن تجاوزنا رأيه المضحك بأن الانتماء للطائفة السنية هو انتماء قومي أيضاً.حمى الله سوريا وحمى الكرد من بعض قياداتهم.
في الحدث: سوريا إلى أشلاء.. لمصلحة من؟
نشر في: 18 مايو, 2012: 07:32 م