 بغداد / دعاء آزاد كثيرا ما يشكو المواطن الذي أثقلت كاهله الهموم، من ارتفاع أجور الأطباء في العيادات الخاصة التي يقصدها اضطرارا لرداءة الخدمات في المستشفيات الحكومية، ورغم محاولة وزارة الصحة معالجة ذلك بفرض تسعيرة موحدة لأجور الأطباء،إلا أن الأمر قد يعود بالضرر على المواطن.
"بالرغم من أنها بادرة جيدة لكنها قد تفاقم المشكلة في الوقت نفسه"، بحسب قول الطبيب علاء المحمداوي الذي رجح عدم نجاح قرار توحيد أجور الكشف الطبي في العيادات الخاصة أو استمراره.إذ قال في حديثه لـ"المدى": إنه "سيطبق في الأشهر الأولى فقط ثم يتم الالتفاف عليه كسابقه من القوانين في مختلف مؤسسات الدولة".وأوضح أنه "قد يلجأ بعض الأطباء إلى عدم معالجة المريض بشكل تام لإجباره على مراجعته عدة مرات، وبذلك يستحصل أجور مضاعفة، وبذلك يكون المواطن ضحية توحيد التسعيرة"، لافتا إلى أن "المريض لا يتقدم بشكاوى ضد الطبيب في هذه الحالة إلا نادرا لكونه يعرف مسبقا أنه لن يتم اتخاذ أي إجراء ضد طبيب مخالف".وأشار المحمداوي إلى أن "تكلفة إجراء العمليات الجراحية هي الباهظة وليس أجور الكشف الطبي في العيادات الخاصة"، مشددا أنه "كان الأجدر بوزارة الصحة إصلاح القطاع الحكومي ثم الانتقال إلى القطاع الخاص إذ أن عن عدم قدرة المستشفيات الحكومية على استيعاب الأعداد الكبيرة للمرضى وتقديم خدمات جيدة لهم دفعهم إلى اللجوء للقطاع الخاص".كشف أن "بعض الأطباء يتفقون مع مراجعيهم في عياداتهم الخاصة على إجراء عمليات جراحية لهم في المستشفيات الحكومية لكنهم يتقاضون نفس أجرة العمليات في المستشفيات الخاصة"، مضيفا أن إحدى الطبيبات اتفقت مع إحدى مراجعاتها على أجور عملية أجرتها لها في مستشفى الكرخ الحكومي وتسلمت المبلغ مقدما في عيادتها الخاصة.واقترح المحمداوي أن "الحل الأمثل لمشكلة ارتفاع أسعار العلاج هي بتشجيع الاستثمار في القطاع الطبي لبناء مستشفيات خاصة ما سيوفر على المرضى عناء السفر إلى البلدان المجاورة لتلقي العلاج، وكذلك سيحفظ للبلد عملته الصعبة إضافة إلى أن التنافس بين المستشفيات سيؤدي إلى خفض الأسعار".المحمداوي وصف وزارة الصحة بأنها "دائما ما تضع العراقيل أمام بناء المستشفيات الخاصة، ومنذ العام 2003 وحتى هذه اللحظة لم يبنى مستشفى خاص واحد على الأقل"، مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة "فرض رقابة مشددة ومستمرة على المستشفيات والقطاع الطبي الخاص عامة وليس فقط فرض أسعار محددة لأجور الأطباء"، منبها إلى أن "المستشفيات الأهلية يكون لديها علم مسبقا بزيارات لجان التفتيش والرقابة".وتساءل المحمداوي هل أن تحديد الأجور سيقتصر على الأطباء فقط أم أن وزارات ومؤسسات أخرى ستبادر إلى فرض تسعيرة محددة على منتسبيها سواء المهندسين أو غيرهم على سبيل المثال.فيما أوضح الطبيب علاء كاظم أن "الأسعار التي حددتها وزارة الصحة لا تختلف كثيرا عن الأسعار المعمول بها حاليا إضافة إلى أن الوزارة لم تأخذ بنظر الاعتبار أن الجهد الطبي يختلف من اختصاص إلى آخر، وعلى سبيل المثال الفحص لدى طبيب الأمراض الجلدية لا يحتاج إلى الأجهزة على العكس من طبيب العيون الذي لا يستطيع العمل من دون أجهزة متنوعة".وبين لـ"المدى" أن أسعار إيجارات العيادات الخاصة تختلف من منطقة إلى أخرى، داعيا إلى إعادة العمل بنظام التمويل الذاتي لأنه أفضل من هذا القرار، مطالبا بتشديد الرقابة على عمل القطاع الخاص والعام إذ تكاد تكون الرقابة حاليا معدومة. إلى ذلك أعربت سارة (23 عاما) التي كانت لها تجربة طويلة مع العيادات الخاصة عن فرحتها بالقرار بالقول: "العيادات الخاصة استنزفت كل مدخراتي إذ كنت كثيرة المراجعة لأطباء أخصائيين لا تقل أجورهم عن 40 ألف دينار اضطررت لمراجعتهم لعدم توفر خدمة جيدة في القطاع الحكومي"، لكنها لفتت في الوقت نفسه إلى "استحالة نجاح القانون دون مراقبة شديدة إذ ليس مستبعدا أن يخالف الطبيب هذا القانون".من جانبها، أعلنت وزارة الصحة أن "نقابة الأطباء حددت قائمة بالحد الأعلى لأجور الأطباء وتضمنت أن تكون أجرة الطبيب الممارس 15 ألف دينار، والطبيب الاختصاص 25 ألف دينار، أما الطبيب الاستشاري 40 ألف دينار".إذ بين أحمد رحيم رئيس اللجنة المسؤولة عن تحديد أجور الكشف الطبية في العيادات الخاصة في تصريح لـ"المدى" أن الوزارة بصدد دراسة الأسعار التي قدمتها نقابة الأطباء فيما إذا كانت مناسبة أم لا، مرجحا الانتهاء من ذلك خلال الشهر الحالي والإعلان عنها في وسائل الإعلام. وذكر رحيم أن "اللجنة حددت أيضا أجور بعض أجهزة الفحص مثل جهازي فحص القلب والسونار بـ10 آلاف دينار لكل جهاز، والعمل جار على تحديد تسعيرة الأجهزة الأخرى والفحوصات المختبرية".وأفاد بأن "الشهادة العملية هي فقط من تحدد أجرة الطبيب وليس الاختصاص"، مستثنيا من ذلك الاختصاصات الدقيقة "إذ ستحدد نقابة الأطباء لها تسعيرة معينة تختلف عن غيرها نظرا لأنها اختصاصات نادرة