قيس قاسم العجرش الخندق الحكومي حمّل الموضوع برمته على عربة القضاء ليصدر هذا الأخير وفق آلياته مذكرة قبض واستقدام(ليست حمراء جداً) بحق نائب رئيس الجمهورية الهارب طارق الهاشمي وهي مسألة نادرة ووحيدة وتأتي من بين الإختيارات القليلة التي أحسنت الحكومة إدارتها الى الآن.
حُسن الإدارة في هذه الأزمة ليس هو القاعدة للأسف إنما هوالإستثناء. وهو قد حصل حين إفترضت الحكومة ورئيس الوزراء أن ترك الموضوع للقضاء، على علل آلياته غير المبررة في بطئها، هو الأولى أن يتبع.كانت النتيجة متميزة قليلاً أيضاً.فوجدنا أن شهية المصرّحين وأصحاب الافواه من السياسيين كانت ضعيفة لأنهم إحتاروا قليلاً حين وجدوا رأس الحكومة يترفـّع قليلاً عن الإدلاء بمزيد من الآراء في هذه القضية بالذات، في المقابل ، إمتنع نواب الحرائق الكلامية( أو توجلوا) عن مزيد من التصريحات التي كانت ستبدو وكأنها تدخل في عمل القضاء.الحصيلة أن الهاشمي يشغل للآن منصب "نائب رئيس الجمهورية"، لكن هذا لا يعني أبداً أن صفة"هارب" أو "مطلوب قضائياً"لا تشتمله.واضح ايضاً، من خلال تسلسل الأحداث الخبرية، أن قادة القائمة العراقية، النجيفي والعيساوي والمطلك لم يتدخلوا كثيراً لإحراق الجو وتنغيصه نصرة للهاشمي.وهذا جانب عقلاني الى حد ما من بين تصرفاتهم التي إمتازت على طول الخط بأنها مجانبة للواقع.هذه المرة إختار قادة العراقية،بمعزل عن المصرّحين باسمها،واحدة من إثنتين، إما أنهم سيساومون على التخلي عن الهاشمي سياسياً لحساب مكاسب جديدة تلوّح بها الحكومة لهم، أو أنهم مطلعون على ما قد تورط به الهاشمي فوجدوا أن إستمرار دعمهم له سيودي بسمعتهم، خاصة بعد لجنة القضاة التسعة التي أطلعت إعلاميين بشكل شفاف على مجريات التحقيق مع حراساته وأتباعه المتهمين.الحكم المسبق(الشعبي)على الهاشمي قد صدر منذ أمد بعيد مع بداية الحرب الطائفية التي كان هوأحد موقدي فتيلها الكلامي والتحريضي.لكننا نسعى الى سماع حكم قضائي يقنع من له ضمير وعقل يحتسب أن القضاء سيلاحق المتهم مهما علت مناصبه وأن لا أحد فوق أمر القاء القبض القانوني.الحكومة بدورها مطالبة بأن تلعب مع كل الأطراف وبالذات المقربين منها،نفس الدور والأداء الذي مارسته في قضية الهاشمي .مطلوب من الحكوميين أن يصمتوا في محضر المقال للقانون والقضاء ومطلوب منهم أن يتشاغلوا في الأقل حين تناهزهم شهوة الإدلاء بالتصريحات أو خيالات أن يظهروا بمظهر الذي إنتصر للطائفة من أعدائها.بالنهاية إن أدين الهاشمي فهي ليست إدانة للطائفة التي تشدق بأنه يحميها، لم يطلب منه أحد ذلك، كل ما هنالك أنه أحد أمراء الأتون الطائفي قـُدر له أن يسقط أولاً ..ومطلوب من الحكومة أن تسقط الآخرين من مثله ومن كل الطوائف ..إن أرادت أن نصدقها ويصدقها الناس.
تحت الضغط العالي :مذكرة حمراء باهتة
نشر في: 18 مايو, 2012: 08:38 م