عدنان حسينبكفاءة منقطعة النظير لا مثيل لها في أيّ بلد ديمقراطي آخر (بافتراض أننا أيضاً بلد ديمقراطي بحسب ما ينص عليه دستورنا واليمين الدستورية التي يؤديها رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه ووزراؤه ورئيس مجلس النواب ونوابه وسائر أعضاء البرلمان وكبار موظفي الدولة) حلّت الحكومة وقواتها المسلحة واحدة من مشاكلها العويصة، هي مشكلة تظاهرات الجمعة في ساحة التحرير ببغداد.
بمزيج من القوة الغاشمة والحيلة وجدت الحكومة وقواتها حلاً للمشكلة التي أثقلت على قلب الحكومة ورئيسها ومساعديه أكثر من أي مشكلة أخرى.. أكثر من مشكلة الكهرباء.. أكثر من مشكلة الفساد المالي والإداري.. أكثر من مشكلة عطالة الخريجين.. أكثر من مشكلة نظافة الشوارع والساحات والأحياء.. بل حتى أكثر من مشكلة الأمن الذي لم يزل مُفتقداً.القوة تولتها القوات المسلحة التي تتبع القائد العام مباشرة، والحيلة تركزت على إرسال مجاميع من الشقاوات المسلحين بالعصي الغليظة (تواثي) الى ساحة التحرير لتخريب التظاهرات والتشويش عليها وتشويه صورتها.هذا النجاح الاسطوري في حل مشكلة التظاهرات نأمل أن تستفيد الحكومة من خبرتها في تحقيقه لحل المشكلات والأزمات التي يكابدها مواطنو البلد، وهي كثيرة للغاية. لن نُحرج الحكومة ونطلب حلّ هذه المشكلات والأزمات دفعة واحدة.. لن نطلب حل مشكلة اتفاقية أربيل مثلاً أو مشكلة المادة 140 أو مشكلة قانون النفط والغاز أو مشكلة قانون الأحزاب أو مشكلة قانون الانتخابات أو مشكلة التعداد السكاني المُؤجل والمُرحل إلى عقد جديد من السنين، أو مشكلة الفساد أو أزمة الكهرباء أو مشكلة العطالة أو مشكلة الحصة التموينية.نريد أن نقترح على الحكومة التفرغ لحل مشكلة ليست معقدة ولا تحتاج إلى توافقات داخل التحالف الوطني ثم مع "العراقية" والتحالف الكردستاني. إنها مشكلة مرور مواكب المسؤولين في شوارع بغداد التي تختنق كلما مرّ مسؤول كبير، وهي مشكلة كبيرة لأن عدد المسؤولين الكبار في العاصمة كبير جداً، يتجاوز الألف شخص.. هؤلاء يستخدمون الشوارع منذ الصباح حتى المساء. إنهم يزاحمون الناس على الشوارع ومداخل الأحياء السكنية ومخارجها، فالأولوية لهم دائماً، ولا يهمّ إن كان في السيارات التي يزاحمون ويعرقلون مرورها مرضى أو طلبة مدارس وجامعات وموظفون وعمال خدمات. الأربعاء الماضي أغلقت القوات الأمنية شارعي السعدون وأبو نواس وكل الشوارع الفرعية ساعاتٍ عدة، لأن رئيس الوزراء شارك في مؤتمر المقابر الجماعية في فندق شيراتون، وأدى الإغلاق إلى زحامات خانقة في الشوارع الأخرى في الرصافة والكرخ والى تقطّع السبل بأصحاب مصالح ومعاملات ومراجعات مستعجلة. وأمس كان جسر السنك وشارع الجمهورية مغلقين لسبب لم يُعرف للكثير ممن أرادوا المرور من هناك (رجّح البعض أن يكون للسبب صلة بصلاة الجمعة في جامع الخلاني، فربما كان هناك مسؤول كبير في الجامع يصلي، وفي العادة لا يحدث مثل هذا الأمر في أيام الجمعة)، والإغلاق أدى الى زحام خانق في المنطقة الممتدة من مبنى وزارة الخارجية إلى جسر الجمهورية.ولِعلْم الحكومة ومسؤوليها أن عمليات الإغلاق والزحام هذه تثير الكراهية في النفوس تجاه الحكومة ومسؤوليها.الحل المقترح أن يستخدم كبار المسؤولين في تنقلاتهم داخل العاصمة طائرات الهليكوبتر. الكلفة لن تكون أكبر فهذه المواكب الجرّارة تكلف صرفيات بنزين وأجور ومخصصات حراس ومرافقين وكلفة سيارات مدرعة وغير ذلك. والأهم إن التنقل بالهليكوبترات لا يُغلق شوارع ولا يضايق ركاب السيارات في نقاط التفتيش ولا يستفز الناس بسبب التصرفات العدوانية لطواقم المواكب الرسمية.
شناشيل :ما رأي الحكومة؟
نشر في: 18 مايو, 2012: 08:44 م