TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قناديل :الأدب وشرط الحرية

قناديل :الأدب وشرط الحرية

نشر في: 19 مايو, 2012: 06:59 م

 لطفية الدليمي   موضوعة الحرية وصراع الإنسان الأبدي من أجلها ومسعاه المستمر  للحفاظ عليها ، والتمسك  بكينونته الحرة تدفعنا لتقصي الموقف العقلاني والفلسفي لارتباط الحرية بالوجود الإنساني من أساسه، وبسبب عدم فهم الأكثرية لحقهم في أن يكونوا إنسانيين وأحرارا لابد من  تحديد  علاقة الحرية  بالإنسان ، فالإنسان حر من لحظة وجوده وولادته  ،لا من حيث له  الحق في أن يكون حراً،  وهذا الوعي لموضوعة ارتباط الوجود الإنساني بالحرية
 – كما يقول  دكتور كمال أبو دبب في (كتاب الحرية) - : ينقل دراسة الحرية والنضال من اجلها من منظور استجداء الحق والمطالبة به إلى منظور مشروعية الثورة على كل محاولة لإنكار طبيعة الإنسان وكونه حرا بطبيعته.في عالمنا الراهن حيث تتحكم بالبشر قوى مستبدة تتشكل من بنى  عشائرية وعرقية ودينية وباترياركية والى جانبها قوى أخرى تدعي  قدرتها على تحرير الإنسان ومنحه حقوقه الإنسانية الكاملة، لكنها بالمقابل تدعم القوى المستبدة وترسخ هيمنتها على أرواح البشر وبالتالي تسلبهم  إنسانيتهم بسلب حريتهم وعندما تبلغ المعضلة مرحلة سلب إنسانية الإنسان فإنها  تصبح تمييزا عنصريا يدفع الإنسان للمقاومة والصراع من أجل إنسانيته وحريته المسلوبة..2كيف نتصور موضوعة الحرية وعلاقتها بالأدب؟ يرد أبو ديب  بما يأتي : هناك نقطتان إحداهما بديهية والأخرى ليست ببداهتها لكنهما معا نقطتان جوهريتان:1- الأديب إنسان أولا  قبل كونه أديباً 2- إن للأدب الخلاق شروط وجود وشروط ازدهار لا يمكن أن يبلغ ذرى كماله من دونها..بناء على الطرح السابق لتلازم موضوعة الحرية مع الوجود الإنساني فلا بد أن يتوفر الأديب على الحرية التي تتوفر للإنسان من حيث هو إنسان ، وبمقتضى النقطة الثانية تصبح الحرية ضرورة ملحة بالنسبة للأديب ، فتغدو حاجته  لها مضاعفة قياسا إلى حاجة الإنسان العادي ..هذا التفصيل الأساسي لارتباط الأدب والإبداع عموما بالحرية يجعلنا نتساءل : كيف يكون أدب المنتج في ظروف غياب الحرية؟ هل هو أدب تلفيقي؟ احترازي؟  مشفّر؟  مشحون بالرموز حتى  ليتعذر تأويله؟ كيف هو الأدب المكتوب  في عتمة العبودية ؟؟ هل هو أدب متمرد ؟؟ أم  هو أدب مقموع زاده قمع الآخر لكاتبه انغلاقا وسوداوية؟ يرد كمال أبو ديب على تساؤلاتي هذه بالقول: (إن المقموع يتحول إلى قامع والمستَعبد إلى مستعبِد لسواه... إن التوق للحرية والاستسلام للعبودية يتحولان إلى قوة داخلية تطغى على النفس فلا يعودان مشروطين بوجود قوة خارجية تدفع نحو الحرية أو تزيد نير العبودية تكبيلا). إن قمع السلطة للكاتب والمبدع يتحول  إلى قمع تمارسه الذات ضد نفسها، ونجد في كتابات الروائيين والقاصّين - ممن يعانون القمع الاجتماعي والسلطوي عتمة مهيمنة وسلوكا ملتويا ونأيا عن المغامرة والتجديد وتجمدا على قوالب محددة لزمن طويل،  أما الكتاب الذين خبروا الحرية وأجواءها الر حبة فإنهم  يغامرون ويخترقون المحظور والمسكوت عنه يحطمون  التابوات المفروضة وينجزون أعمالا  تفوح برائحة الحرية وتتدفق فيها دماء مختلفة عما ألفناه لدى الكتاب المقموعين ونجد أن الأدب يواصل تقدمه في ظل غياب الحرية يلوذ الكاتب بالرمز والكتابة عن عوالم  متخيلة أو يلجأ لاستلهام التاريخ، أو يهرب البعض إلى بلدان أخرى ليحققوا حريتهم بعيدا عن قامعيهم، وقد حدث هذا مع كتاب من الصين والاتحاد السوفياتي وكتاب من معظم البلدان العربية بمعنى أن المقاومة الحقة للقمع قد تنتج ظواهر أدبية ولغوية أو تدفع إلى التمرد والثورة الجائحة ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يتوعد بـ10 استجوابات: ستمضي دون عراقيل

انتحاريون على أبواب حلب.. ماذا يجري في سوريا؟

الدفاع التركية تقتل 13 "عمالياً" شمالي العراق

مجلس ديالى يفجر مفاجأة: ثلاثة اضعاف سرقة القرن بالمحافظة "لم يُعلن عنه"

الشرطة العراقي يغادر إلى الدوحة لملاقاة بيرسبوليس الإيراني في دوري أبطال آسيا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram