عدنان حسينالماسكون بزمام السلطات (الثلاث) في بلادنا لا يساعدوننا في تفادي المقارنة بين عهدهم الراهن والعهد السابق(الصدامي) وفي ما بينهم وبين صدام وبطانته، فهم يرغموننا وسائر الناس على عقد هذه المقارنة من فرط ما يتسببون فيه من خذلان مؤلم وإحباط موجع نواجههما في كل صباح ومساء وفي كل مدينة وقرية للعام التاسع على التوالي.
مئات آلاف الناس ماتوا إعداماً، ومثل عددهم عانوا في السجون والمعتقلات الرهيبة ، وملايين هاجروا وهُجّروا في عهد النظام السابق، من أجل أن ينشأ ويترسخ في البلاد نظام لا يشبه نظام صدام في أي شيء، لكن الماسكين بزمام السلطات(الثلاث) منذ سقوط ذلك النظام حتى الآن يصرّون على تقديم نسخة لا تختلف في الجوهر عن نسخة النظام البائد، بل هي في بعض أجزائها وتفاصيلها أسوأ.أمس كشفت وكالة رويترز عن ان رئيس الوزراء نوري المالكي "الذي يشعر بقلق من تصويره في وسائل الإعلام الاميركية كزعيم مستبد يهدف الى تعزيز سلطته"، كما قالت الوكالة، قد وجّه دعوة الى عدد من علماء واشنطن المؤثرين في مجال السياسة لزيارة بغداد واللقاء به وفريقه الحكومي الاسبوع المقبل. وبين المدعوين كينيث بولاك من معهد بروكينغز ودانييل بليتكا من مؤسسة أميركان إنتربرايز وجوست هيلترمان من مجموعة الأزمات الدولية.مساعدون ومستشارون للمالكي أبلغوا الوكالة بان الهدف من الدعوة الرد على ((التشويه المتعمد للحقيقة)) الذي يروجه معارضو المالكي ضده.كان صدام حسين مهووساً بالعمل بهذه الطريقة بالذات .. يدفع مئات ملايين الدولارات سنوياً من خزينة الشعب المُنهك بحروبه وبالحصار، على المرتزقة من الصحفيين والكتاب والسياسيين لتجميل صورته في الخارج .. كان يحرص على تقديم نفسه الى الرأي العام العربي والعالمي في صورة الحاكم العادل والبطل المغوار والفارس المقدام. وفي الداخل كان يده والمسدس والمدفع و الكيمياوي ومقابر الأحياء الجماعية. من حق السيد المالكي أن يدافع عن نفسه وعن حكومته وعما يرى أنه منجزات لهما، لكنه سيخطئ كثيراً إن هو سعى لتجميل صورته أمام الخارج فيما يضجّ الناس بالشكوى مما يواجهونه من صعوبات جمّة في حياتهم اليومية ومما يعيشونه من تجاوزات سافرة على حقوقهم وتأجيل طويل الأمد لأحلامهم وتطلعاتهم. لم يقلل من كراهية الناس لصدام ونظامه بمقدار مليمتر واحد أو غرام واحد، ولم يؤخر في سقوط نظامه يوماً واحداً كل التطبيل والتزمير من صحف ومحطات إذاعة وتلفزيون خارجية بالعشرات.. في النهاية تحتّم عليه أن يدفع ثمن سوء سياسته حيال شعبه، والى المزابل انتهت آلاف الأطنان من الورق والأشرطة والأقراص المُدمجة التي جاهدت لرسم الصورة الزائفة لصدام على مدى 35 سنة.السيد المالكي.. رضا فلاح في العمارة وعامل في بغداد وموظف في كردستان أنفع لك ولنا مليون مرة من رضا الدكاترة كينيث بولاك ودانييل بليتكا وجوست هيلترمان، مع كامل التقدير لهم ولمؤسساتهم المرموقة التي درجت على قول الحقيقة عن بلادنا استناداً الى دراسات رصينة وتقارير موثقة.
شناشيل: لماذا تذكّروننا بصدام؟
نشر في: 19 مايو, 2012: 08:46 م