TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ملف (ثقافة اللاعنف في العراق)..العنف في المجتمع العراقي(1-3)

ملف (ثقافة اللاعنف في العراق)..العنف في المجتمع العراقي(1-3)

نشر في: 20 مايو, 2012: 07:08 م

أ.د.قاسم حسين صالح توطئة في العنف هل يولد الإنسان مجبولاً على العنف أم أنه يكتسبه من البيئة التي يعيش فيها ؟ وهل يمارسه باختياره أم أنه مضطر عليه ؟  وهل توجد هنالك شعوب مسالمة بطبيعتها وأخرى عدوانية بطبيعتها ؟ يعد العنف أخطر أنواع العدوان لكونه يتضمن إلحاق أذى أو دمار ماديّ جسيم بآخر
 أو آخرين أو بالممتلكات مع توافر القصد، وهو غير العدوان المشروع لحماية النفس والعدوان لحماية الآخرين والعدوان الوسيلي الذي يعني القيام بفعل عدواني لتحقيق هدف غير عدواني مثل مطاردة رجل شرطة لمجرم . وهناك رأيان في العنف ، الأول يرى أنه ناجم عن أسباب بيولوجية ( وراثي )، وأن الناس يميلون بالفطرة إلى التنافس والعدوانية الذي قد يصل إلى التدمير المتبادل. ويرى نيتشه أن وجود ناس لطفاء يتصفون بالرقة هو حالة شاذة بين البشر، وهو نفس رأي شاعرنا المتنبي الذي يقول :    والظلم من شيم النفوس فإن تجد               ذا عفــة فـلعـلــّة لا يظلـــم ويقف فرويد في مقدمة علماء النفس الذين يؤكدون بيولوجية العدوان في مقولته بوجود غريزتين في الإنسان : ( الحياة ــ ايروس ) و ( ثناتوس ــ الموت ) تعيشان في صراع دائم، وأن الحل يكمن  في تحويل غريزة الموت إلى الخارج بنشاط تفريغي ملائم ( الرياضة مثلا" )، وإلا فإن الناس يلجأون إلى التصرف بأساليب عدوانية ضد الآخرين لتفريغ ما تراكم لديهم من طاقات عدوانية . وتوصل لورنز الحاصل على جائزة نوبل عام 1973 عن دراسته الخاصة بالأسس الايثولوجية للسلوك إلى أن العدوان غريزي ، وانه طاقة تعمل بصورة مستمرة ومتجددة ، وأنه لابد من تصريف هذه الطاقة وإلا تراكمت إلى مستويات خطرة .والرأي الثاني يفسر العدوان بأنه استجابة أو ردّ فعل لعوامل بيئية ، وانه ناجم عن الإحباط الذي يعني إعاقة سلوك متجه إلى هدف أو غاية أو قصد ، أو هو ما يحول دون صدور استجابة متجهة نحو شيء ما قد حانت لحظته، وأن العدوان يتم تعلّمه ( مكتسب ) من خلال التعزيز أو تقليد النماذج العدوانية وما تحصل عليه هذه النماذج من مكافآت مادية أو معنوية ، وأن الأجيال المتعاقبة تتعلم العنف من خلال ممارسته في الحياة الأسرية والدور الذي تؤديه وسائل الإعلام في تعلّم السلوك الاجتماعي العدواني . وأعتقد أن العنف في العراق اشتد وأخذ منحى جديدا" بدءا" من عام 1980، الذي يمكن تأريخه لإشاعة ( ثقافة العنف) وقدح غريزة العدوان في اللاشعور الجمعي لدى العراقيين. ففي ذلك العام شن النظام السابق في العراق حربا" على إيران استمرت ثمانية أعوام . ولم تقتصر الحرب على الجيش النظامي، إنما عسكرة الناس فيما يسمى بـ ( الجيش الشعبي ) حتى ما عاد بيت عراقي في حينه ليس فيه عسكري في الجيش أو منتسب إلى تشكيلات الجيش الشعبي أو قوى الأمن الداخلي ، فضلا" عن توظيف أجهزة الإعلام وتسخيرها لرجال فكر وأساتذة جامعة وأدباء وشعراء وفنانين ومطربين ، أسهموا في إشاعة ثقافة العنف . وباختصار ، كان شعبا" كاملا" قد تمت عسكرته بمن فيهم أساتذة الجامعة الذين سلّحوا بالكلاشنكوف حتى من كان عمره فوق الستين !وما أن توقفت هذه الحرب في 8/ 8/ 1988 حتى دخل العراق في حرب أخرى جديدة بغزو الكويت في 2/8/1990 ، كان من نتائجها السلوكية والنفسية أن جرى تعزيز وتعميق ثقافة العنف ، لا سيما في جيل المراهقين آنذاك ، الذين كانوا  قد فتحوا عيونهم في طفولتهم على مشاهد العنف في ( الثمانينات ) ، ثم حصار بسنواته الثلاث عشرة الذي شكل سببا" إضافيا وإسنادا" لخبرة العنف ، حيث كثرت في زمنه السرقة وبخاصة سرقة السيارات المصحوبة بالقتل"*"وبعد سقوط نظام الحكم في التاسع من نيسان (2003 ) إلى الآن (2008 ) يعيش العراقيون عنفا" لم يسبق له مثيل يستعصي وصفه ويصعب استيعابه .. وجنابك أدرى به . وصارت مظاهر العنف تتبدى حتى في هدايا الأطفال بمناسبات الأعياد المتمثلة بالمسدسات والرشاشات والمفرقعات. وثمة حقيقة خطرة هي أن أكثر من نصف الشعب العراقي ، وتحديدا" جيل الشباب الذين أعمارهم (35 ) سنة فما دون ، ولدوا في حرب ونشأوا في حرب وحصار، ويعيشون الآن أكثر من حرب.. أي أن ربع القرن القادم سينحسر فيه تأثير جيل الكبار ، ويتولى أمور الناس والوطن جيل متخم بثقافة العنف.rnالشخصية العراقية والعنف    قضيت ربع قرن في تدريس مادتي ( تحليل الشخصية ، والاضطرابات النفسية ) وقمت بتحليل شخصيات مجرمين ارتكبوا جرائم قتل عادية وأخرى بشعة …فوجدت أن النظريات التي حللت شخصية الإنسان وتلك التي حددت أسباب الاضطرابات العقلية والسلوكية لا تنطبق على سلوك الشخصية العراقية المعاصرة بخصوص ( العنف )  الذي تمارسه ، وعليه فإنني ركنتها جانبا  ورحت أجتهد في إيجاد تفسير لهذا السؤال :لماذا يكون العنف في الشخصية العراقية بهذه القسوة والبشاعة ؟ولقد وجدت أن إحدى الصفات الغالبة في الشخصية العراقية هي أن  )) الموقف ((

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram