هاشم العقابيعقدت النية هذا الصباح بان ابتعد عن السياسة واكتب شيئا عن شعرنا الشعبي، تلبية لما يطلبه كثير من القراء. كانت الفكرة المختمرة برأسي هي ان اكتب عن الجنون والمجانين في التراث الشعبي، متأملا بيتا من الشعر قاله الحاج زاير، حسبته ربما اجمل ما قيل بهذا الصدد:
الناس كالت مجنون بعقلي اقنعت بس آنهوحتى لا يفوتني ان كان هناك من تطرق قبلي لهكذا موضوع بدأت بحثا على الجوجل كي اتأكد. الغريب اني حين بلشت البحث لاح لي ما لم احسب حسابه. لقد وجدت فلما على اليوتيوب وتحته اتهام لزميلنا سرمد الطائي بانه اصيب بالجنون و"خرج على كل مقاييس التحليل السياسي". شغلت الفلم لأعرف الحكاية، فوجدت الزميل سرمد يتحدث، من خلال المقطع القصير جدا، مشخصا اخطاء رئيس الحكومة ومركزا على الطاقم الاستشاري الذي يحيط به. وقال ان من لا يجيد رفع القمامة من الشوارع خلال حكمه لا يصلح لحل اي مشكلة سياسية. أين الجنون في هذا؟استهواني اللقاء فانتظرت الى ان ينتهي خاصة وان ما نشر منه بحدود دقيقتين، واذا به ينتهي بصدمة ما كنت اتوقعها. مقدمة البرنامج التي اجرت اللقاء والتي حسبتها دائما هادئة وكيسة وتحسن ادارة الحوار، ردت على سرمد بدم بارد جدا ومن دون اي تفسير: "مشكلتك شخصية مع المالكي"! وينقطع اللقاء.لا ادري كيف تفسر آراء أي اعلامي على انها شخصية حين يتطرق لاخفاقات الحكومة. انه ليس مقاولا مرتبطا بعقد لتنظيف الشوارع مع امانة العاصمة كي يحسب حديثه عن القمامة شخصيا على قاعدة "كل يحوش النار الى قرصه".ان الصاق تهمة "الشخصنة" ليس بفعل الصدفة بل مقصود من قبل دولة القانون لكل من يكشف عن سلبيات الحكومة خاصة رئيسها. فانا شخصيا لا اكتب مقالا حول تقصير الحكومة وخاصة نزعة رئيسها نحو التفرد بالسلطة، الا ويأتيني اكثر من رد يتهمني به اصحابه بان لي مشكلة شخصية مع المالكي. وقبل ايام ظهر السيد فخري كريم على قناة الحرة مستغربا اتهام رئيس مجلس الوزراء لرئيس الاقليم بالدكتاتورية لانه يعين اولاده واقاربه في مكتبه، متسائلا عن احمد المالكي ابن رئيس الوزراء وعن ابن اخته فائز وماذا يعملان في مجلس الوزراء. وما ان انهى كلامه حتى خرجت علينا النائبة حنان الفتلاوي لتتهم السيد كريم بان لديه مشكلة شخصية مع رئيس الوزراء.هكذا هم دائما يضللون الناس. وبأسف شديد أضيف بانهم يلعبون على عواطف الشارع الشيعي. والا كيف فسرت نائبة دولة القانون ما قاله السيد كريم بانه "مشكلة شخصية" وهو لم يطالب بتعيين احد من اقاربه في مجلس الوزراء بل ذكّر المالكي بانه من العيب ان ينتقد غيره على عمل يقوم هو بفعله؟ حكايات ساذجة ذكرتني ببعض من اجهد نفسه ليبين ان مشكلة الامام الحسين مع الطاغية يزيد كانت شخصية ايضا ولها علاقة بقصة الزواج من أرينب، ليفرغ موقف الامام من محتواه الانساني المناهض للطغيان.ورغم اني لست مختصا بالقانون، لكن احب ان اوجه سؤالا لأهله: اما ترون أن من يشخص الظلم الذي يقع على شعبه أو بلده من قبل الحاكم هي مشكلة وطن وليست شخصية؟ فان كان الجواب نعم، اما يعد الاتهام بانها مشكلة شخصية طعنا في وطنية الاعلاميين ومهنيتهم ويستحق من يطلقه ان يخضع للمساءلة القانونية؟ لست ادري.
سلاما ياعراق : مشكلتك شخصية مع المالكي!
نشر في: 20 مايو, 2012: 07:51 م